إضطهاد المسلمين في القوقاز
في الوقت الذي تطل فيه مشكلة شمال القوقاز بين حين وآخر على إستحياء من خلال وسائط الإعلام العالمية والعربية والإسلامية ؛ إلا أن الواقع على الأرض هناك يجعل من شعب تلك المنطقة يعيش المأساة الإنسانية بحذافيرها على مدار الأربعة وعشرين ساعة
خريطة شمال القوقاز الذي تفصله عن جنوبه جبال القوقاز
يقع إقليم القوقاز ما بين البحر الأسود وبحر قزوين جنوب روسيا . وفي حين يشكل المسلمون الأغلبية العظمى الكاسحة من شمال القوقاز
فإن جنوب القوقاز يظل خليط بين أغلبية مسيحية وأقلية مسلمة ..... ومن بين كافة شعوب القوقاز تظل المعاناة جاثمة على صدور المسلمين وحدهم .... وقد تفكك شعب القوقاز المسلم الآن (بتدبير من الرئيس
السوفيتي السفاح ستالين) إلى عدة دول هي: الشيشان (عاصمتها غروزني) ، أنجوشيا عاصمتها ماجاس) ،
شمال أوسيتيا (عاصمتها فلاديكافكار) ، داغستان (عاصمتها مخاتشكالا) ، بالكاريا (عاصمتها نالتشيك).
وتوجد شعوب مسلمة أيضا في جنوب القوقاز لهم دولتان تعانيان الأمرين من أطماع وتدخلات جورجيا وروسيا معا وهما : جنوب أوسيتيا (عاصمتها تاسخينفالي) ،
أبخازيا (عاصمتها سوخومي).
تتخلص مشكلة شمال القوقاز في أنه سبق إلحاقه عنوة بجمهوريات الإتحاد السوفيتي مثل غيره من جمهوريات وقوميات أخرى ..... وبعد تفكك الإتحاد السوفيتي وإستعادة معظم
القوميات والشعوب لحريتها وإستقلالها بعيدا عن سيطرة الكرملين في موسكو ؛ فوجيء أهل القوقاز الشمالي بأنهم "مستثنون" و "غائبون" عن معادلة الإستقلال تماما وذلك لعدة أسباب أهمها:
1) أن القوقاز الشمالي متاخم بشكل مباشر لحدود روسيا الجنوبية.
2) ومن ثم فإن روسيا بحسب زعمها تتخوف من تنامي قوة إسلامية سلفية متشددة على حدودها تلك .
3) كون أن أهل القوقاز الشمال مسلمين فقد ساهم ذلك في غض الولايات المتحدة والغرب الأوروبي الطرف عن مساندتهم أو إدانة سياسات القمع الوحشية التي تمارسها الجيوش وقوات الأمن الروسي تجاههم خضوعا لما
أطلق عليه "فوبيا الإسلام" التي تعشعش في رؤوس وعلى افكار الشعوب الغربية المسيحية.
4) ثم ساهمت أحداث 11 سبتمبر كثيرا في إيجاد المبررات وتوفير الذرائع السياسية والمعنوية والفكرية والأمنية التي تدافع بها روسيا عن سياساتها الإستئصالية تجاه أبناء القوقاز "الإرهابيين"
المسلمين.
5) وبالطبع لا يخلو الحديث عن الجشع الروسي ورغبة حكومة الكرملين في موسكو مواصلة إستغلال ثروات شمال القوقاز الضخمة من الغاز والبترول ولمحاصيل الزراعية ونهبها وإستنزافها بشكل منتظم
وسريع.
إذن وللتحايل بشتى الطرق على إستمرار تبعية القوقاز لها إبتدعت روسيا ما يسمى بمنظومة "الإتحاد الروسي" كبديل لمسمى "الإتحاد السوفيتي" وضمت إليها منطقة القوقاز الشمالي وجزء من الجنوبي قسرا وعبر زرع عملاء لها من بعض أبناء القوقاز العلمانيين المناوئين للحركات الإسلامية في قمة هرم السلطة والجيش والبوليس وتزوير نتائج الإنتخابات والإستفتاءات في كافة دول وشعوب القوقاز الشمالي بوجه خاص....
وفي سبيل حفاظ روسيا على ولاء دول ومناطق القوقاز لسيطرتها أقدمت على فرض أنظمة سياسية قوقازية موالية لها وتنصيبها على رأس السلطة في حكومات محلية وهمية لإدارة الإقاليم القوقازية في الواجهة على أن تتولى الجيوش والبوليس والإستخبارات الروسية الزاحفة من موسكو زمام السيطرة وتعقب ومطاردة وتصفية المعارضين بهذه الدول
وقد كانت الحركات الجهادية السلفية الإسلامية هي أشرس من تصدى للهيمنة الروسية في إقليم القوقاز وبدأ الصراع والجهاد في الشيشان ثم إمتد التوتر بين المجاهدين المسلمين في الشيشان وبين الحكومة الروسية إلى مناطق وأجزاء أخرى من القوقاز بسبب إفراط الجيوش الروسية في إستخدام القوة والعنف ضد المقاومة المسلحة والأهالي الأبرياء على حد سواء . وهو ما أدى في نهاية الأمر إلى إمتداد ذراع طويلة من القمع الروسي وجريان أنهار غزيرة من الدماء والدموع القوقازية . في ظل سكوت العالم أجمع عن ما يجري من تجاوزات لأسباب تتعلق بفوبيا الإسلام وإنطباعات إرتباطه بالإرهاب . وكذلك لكون روسيا دولة قوية وعضو دائم في مجلس الأمن ولها مصالح متشابكة مع الغرب الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ثم لضعف الدول الإسلامية بوجه عام وإنشغال العرب بالصراع مع إسرائيل ومأساة العراق.
التعذيب الوحشي حتى الموت
دائما ما يكون هذا هو المصير الذي يواجهه المناضلون القوقاز ضد الهيمنة الروسية سواء بعد أسرهم في مناطق عمليات المقاومة العسكرية أو إختطاف السياسيين منهم وأصحاب الرأي المعارض المدنيين
تكتيك الإختطاف الذي تمارسه المليشيات الحكومية المسلحة لا يزال مستمرا بوصفة الأداة الأساسية المستخدمة بواسطة السلطات الحكومية التابعة لموسكو في شمال القوقاز ضد خصومها من المواطنين المسلمين .... وفي الصورة نشاهد "سوبيغا كازانوفا" إلى اليمين بعد أن قدمت أدلة إلى منظمة حقوق الإنسان تؤكد إختطاف زوجها بواسطة عناصر تابعة للسلطة الحكومية الموالية لموسكو ترتدي أزياء مدنية للتمويه.
محمد شابي يزور قبر إبنه محمد علي . ويؤكد هذا الأب الحزين أن إبنه قد أغتيل عام 2007م بواسطة البوليس السياسي الداغستاني التابع للسلطات الحكومية الموالية لروسيا.
مسلمون داغستانيون يؤدون الصلاة في المسجد المركزي لمدينة "ماخاشكالا" عاصمة داغستان ....... وبسبب تدبير المخابرات الروسية فقد نجحت في زرع الكثير من بذور الفتنة بين الداغستانيين أنفسهم فبات الصراع الداخلي الداغستاني يدور بشراسة بين الجمهوريين (وهم عبارة عن جماعة صوفية) وبين السلفيين الذين تطلق عليهم السلطات هناك مسمى الوهابيون
تيزا ساتبلوفا (على اليمين) واثقة أن إبنها "مرعت ساتابالوف" قد ضرب حتى الموت خارج نقطة بوليس كازبيكوفيسكي في داغستان لأن لحيته كانت طويلة . وهو الأمر الذي يؤخذ على أنها علامة التبعية إلى السلفية الوهابية ...... وفي أقصى الصورة إلى اليسار أرملة القتيل "مرعت" يعتثرها الحزن والأسى على فراق شريك حياتها دون ذنب جناه سوى إطالة لحيته ..
"محمد صدقاييف" إلى اليمين و "محمد ساي" أقصى اليسار ؛ قدما أدلة إلى منظمة حقوق الإنسان حول إختفاء ولديهما ثم مقتلهما بعد ذلك ... وبالطبع لم تترك السلطات الروسية في القوقاز جرأة هذين الأبوين لتمر هكذا مرور الكرام فأصدرت أوامرها للسلطات المحلية الخاضعة لروسيا بإعتبار هذين الأبوين "أعداء للشعب" وهو الأمر الذي سيجبرهما وأسرهما لمغادرة المنطقة حتى لا يتعرضوا جميعا لأعمل إنتقامية من جانب مليشيا الحكومة المحلية بسبب الإدلاء بشهادات تفضح الوضع القائم أمام منظمة حقوق الإنسان.
منظر شبيه بأفلام رعاة البقرالأمريكية حيث يقوم "الشريف" بتعليق صور المطلوبين أحياء أو أموات نظير جوائز مالية مغرية .... وفي الصورة أحد الجنود الداغستانيين (وقد سال لعابه) يطالع بإهتمام لوحة تضم صور وأسماء وبيانات أشخاص مطلوب القبض عليهم أحياء أو أموات في كل من جمهورية داغستان بالإضافة إلى الجمهوريات المجاورة ... وهو الأمر الذي يشير إلى إستمرار التوتر في تلك المناطق القوقازية منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي
"صبيحة غسانوف" تحمل صورة زوجها "راشد غسانوف" الذي إختطفه الأمن الروسي في سبتمبر 2009م ولا يزال مصيره مجهولا.
"فريدة أحمدوفا" تحمل صورة زوجها "أمير علي أحمد وفا" الذي قتل في 17/9/2009م
"ليزا داكاييفا" تحمل صورة إبنها "بلال داكييف" الذي اختطف في 9/8/2009م