الخبرمفكرة الإسلام: أعلنت الحكومة الإيطالية اعتزامها إغلاق مسجد في نهاية أغسطس المقبل، في ظل تصاعد حدة الاضطهادات الأوروبية للإسلام والمسلمين في الآونة الأخيرة التعليقكتبه/ علي صلاح
في الوقت الذي قررت فيه إيطاليا إغلاق مسجد بمدينة ميلانو في شهر أغسطس القادم بزعم "أن وجوده يشكّل خطرًا على أمن الإيطاليين ويعرقل حركة السير والتعايش فيها، ويظهر أن الإسلام والمسلمين أصبحوا يهيمنون عليها"، افتتح ستيفن هاربر رئيس الوزراء الكندي، أكبر مسجد للطائفة الأحمدية في غرب البلاد بتكلفة تقدر بحوالي 15 مليون دولار؛ وهو أمر أثار الانتباه، فلم يكن مسجد إيطاليا الحالة الوحيدة من نوعها في الفترة الأخيرة، فقد تم حرق مسجد بجنوب فرنسا، كما تزايدت حالات الاضطهاد للمسلمين في الدول الغربية وتوجيه إهانات شديدة لدينهم ليس فقط من قبل من يسمون بـ"الجماعات المتطرفة" ولكن من مسئولين في حكومات هذه الدول، ولكن اللافت هو احتضان الغرب لبعض المذاهب الخارجة عن الإسلام كالأحمدية ومحاولة تقديمها كواجهة للإسلام الصحيح البعيد عن التطرف، وهي محاولة تتزامن مع الإشادة ببعض الدعاة الذين يرى الغرب أن فكرهم لا يتصادم مع حضارتهم وهي قضية تبدو شائكة ولكن لابد من الإشارة إليها لاكتمال الصورة
من هي الفرقة الأحمدية؟
وتسمى أيضًا القاديانية نسبة للقرية التي ظهرت فيها أواخر القرن التاسع عشر الميلادي بمقاطعة البنجاب الهندية، إبان الاحتلال الإنجليزي؛ حيث حظيت بمباركة ورعاية الاحتلال، وقد أسسها ميرزا غلام أحمد القادياني المولود سنة 1265هـ بقاديان. وقد ادعى ميرزا في البداية أنه مجدد ومُلْهَم من الله، ثم تدرج درجة أخرى فادعى أنه المهدي المنتظر، ثم ادعى أنه المسيح عليه السلام، ثم واصل إفكه فزعم أنه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الحقيقة المحمدية قد تجسدت فيه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بُعث مرة أخرى في شخص ميرزا غلام، يقول ميرزا: " إن الله أنزل محمدًا صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في قاديان لينجز وعده"، وقال :" المسيح الموعود هو محمد رسول الله وقد جاء إلى الدنيا مرة أخرى لنشر الإسلام" ثم ادعى أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وادعى أنه يوحى إليه
ومن عقائد هذه الفرقة: الاعتقاد بتناسخ الأرواح، وأن الله يصوم ويصلي وينام ويخطئ، تعالى الله عن قولهم، كما يعتقدون أن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم بل هي جارية، وأن الله يرسل الرسول حسب الضرورة، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعًا!! وأن جبريل عليه السلام كان ينزل على غلام أحمد بالوحي، وأن إلهاماته كالقرآن، كما يعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل، وشريعة مستقلة، وأن الحج الأكبر هو الحج إلى قاديان وزيارة قبر القادياني، ويبيحون الخمر والأفيون والمخدرات، و ينادون بإلغاء الجهاد، ووجوب الطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية ـ التي كانت تحتل الهند آنذاك ـ لأنها ولي أمر المسلمين، حسب زعمهم
المخطط الغربي
تيقن الغرب أن الحرب العسكرية ضد الإسلام والمسلمين لن تؤتي ثمارها وأنه ينبغي تدعيم هذه الحرب بحملات أخرى فكرية وثقافية، ومن أهم اتجاهات المخطط الغربي في حملته الفكرية ضد الإسلام التي نريد التعرض لها في هذه الوقفة
أولاً: محاولة الوقيعة بين المذاهب الإسلامية السنية، فهذا وهابي وهذا حنفي وهذا فقه بادية وهذا فقه حضري؛ مستغلاً بعض الأقلام العلمانية المحسوبة على المسلمين، ويطور هذه الوقيعة عن طريق تقليب المؤسسات الدينية بعضها على بعض؛ إثر بعض الخلافات الفقهية ويسعى لتضخيمها، كما يحدث أحيانًا بين علماء الخليج من جهة وعلماء مصر من جهة أخرى؛ لإظهار أن الإسلام مليء بالخلافات
أما الاتجاه الثاني والأخطر فهو دعم الفرق الخارجة عن الإسلام وتقديمها للعالم في صورة الإسلام المعتدل مثلما حدث مع الفرقة الأحمدية الخارجة عن الإسلام وجماعات التصوف المليئة بالبدع والخرافات والشركيات؛ لدرجة حضور السفير الأمريكي السابق في مصر لكثير من احتفالاتها، والشيء المشترك في منهج هذه الفرق والجماعات المنحرفة هو اجتماعها على نبذ مقاومة الاحتلال والمسالمة التامة مع منهجه الاستعماري، بالإضافة للتخلي عن تطبيق الكثير من أحكام الدين، كما مر بنا عن الفرقة الأحمدية وكما هو معروف عن جماعات التصوف التي تدعي سقوط التكاليف عن مشايخها ومريديها
ونأتي للاتجاه الثالث في المخطط الغربي وهو استمالة بعض دعاة أهل السنة والترويج لهم؛ نظرًا لمنهجهم الذي يرونه أقرب لعدم التصادم مع الحضارة الغربية وهم في ذلك يسعون لاستخدامهم مرحليًا للقضاء على شعور الكراهية المتنامي في نفوس المسلمين ضد الممارسات الغربية العدائية تجاههم، وهؤلاء الدعاة لا نشك في إخلاصهم لدعوتهم واقتناعهم بالمنهج الذي يسيرون عليه بغض النظر عن رأي الغرب، ولكن عليهم الانتباه للإغراءات الغربية والدعوات التي تأتي من ناحيتهم للحوار والمفاهيم الغامضة والمطاطة التي يتم عرضها في منتدياتهم كـ "الإخاء في الإنسانية"، "واستيعاب الآخر" "وإدانة العنف والإرهاب" ، و"تجديد الخطاب الديني"، وغيرها من المفاهيم التي تحتاج إلى توصيف دقيق، ثم عرض على الشرع بميزان علمي واضح، خصوصًا وأن بعض هؤلاء الدعاة يعترف صراحة بأنه لا يمتلك أدوات الاجتهاد ولا يدخل في زمرة العلماء، إنما هو يسعى لإصلاح المجتمع على أساس ديني، وهو أمر يلتبس على كثير ممن يتابعون هؤلاء الدعاة