الأحمدية مهدوية جديدة ودعوى المسيح الموعود
الميرزا غلام القدياني
إن قضيتي خروج المهدي ونزول عيسى عليه السلام، واللتين ادّعاهما مؤسس الجماعة الأحمدية لنفسه، استفاضت بشأنهما الأحاديث النبوية، وتكاثرت فيها صفاتهما وأخبارهما، وحري بمن زعم ذلك وادّعاه أن يدرس تلك الأحاديث ويحققها تحقيقاً علمياً، ثم يرى مدى انطباقها وتحققها فيما انتحله وادّعاه
"ا لجماعة الإسلامية الأحمدية" اسم آخذ بالتردد والشيوع بين الناس، بعد انطلاق محطتهم الفضائية المعروفة باسم (mtaالعربية)، فمن هي هذه الجماعة؟ ومن هو مؤسسها؟ وهل حقاً أنه ادعى أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود؟ وما هي عقائد تلك الجماعة؟ وما هي مقولاتهم ومفاهيمهم التي يخالفون بها جماهير المسلمين؟ وهل لهم أصول وقواعد خاصة بهم يستندون إليها في قراءاتهم وتأويلاتهم للنصوص الدينية؟ وفي هذا السياق فان السؤال الأكثر إثارة للجدل هو: هل الجماعة بعقائدها ومقولاتها وأفكارها وتصوراتها تعتبر ذات توجه واتجاه تجديدي في مسار الفكر الإسلامي وحركته المعاصرة أم هي حركة ودعوة يُنظر إليها على أنها خارجة على العقائد الإسلامية الثابتة، ومفارقة للأصول والقواعد الشرعية المقررة، وهي في الوقت ذاته ذات توجهات باطنية مريبة؟ فيما يلي محاولة للوقوف على أفكار الجماعة ومعتقداتها، وبيان للمفاهيم التي تدعو إليها، بالاستناد إلى المعلومات والمقالات والتقارير التي تتبناها الجماعة والمنشورة على موقعها الرسمي باللغة العربية، مع مناقشتها مناقشة هادئة بعيداً عن كل ألوان التكفير والتضليل والتفسيق مؤسس الجماعة: سيرته ودعواه تُعرف الجماعة بـ"الأحمدية" نسبة إلى مؤسسها "ميرزا غلام أحمد"، ويُطلق عليها أيضاً القاديانية نسبة إلى قاديان مسقط رأس مؤسسها (وهي قرية تقع بإقليم البنجاب وتبعد بنحو ستين ميلاً عن لاهور في باكستان)، وقد ولد مؤسس هذه الحركة في عام 1252هـ ـ 1839م (بحسب ما أوردته موسوعة المفاهيم الإسلامية الصادرة عن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر)، غير أن تاريخ ميلاده المثبت على موقع الجماعة الرسمي هو 1250هـ ـ 1835م "الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام" هي الصفة المعتمدة التي يطلقها "الأحمديون" على مؤسس جماعتهم، وتلك الصفة قد ادّعاها هو لنفسه، وأضافها لذاته، فهو يقول:"قد بينتُ مراراً وأظهرت للناس إظهاراً أني أنا المسيح الموعود والمهدي المعهود، وكذلك أُمرتُ، وما كان لي أن أعصيَ أمرَ ربي وأُلْحَقَ بالمجرمين، فلا تعجلوا علي، وتدبروا أمري حق التدبر إن كنتم متقين، وعسى أن تكذبوا أمراً وهو من عند الله" (إعجاز المسيح، الخزائن الروحانية مجلد 18 ص:7-9 نقلاً عن موقع الجماعة الالكتروني ويقول كذلك: "اسمعوا يا سادة هداكم الله إلى طريق السعادة، إني أنا المستفتي وأنا المدعي، وما أتكلم بحجاب، بل إني على بصيرة من رب وهاب، بعثني الله على رأس المائة لأجدد الدين وأنور وجه الملة، وأكسر الصليب، وأطفئ نار النصرانية، وأقيم سنة خير البرية، ولأصلح ما فسد وأروج ما كسد، وأنا المسيح الموعود والمهدي المعهود، منَّ الله عليّ بالوحي والإلهام، وكلمني كما كلم رسله الكرام، وشهد على صدقي بآيات تشاهدونها..." (الاستفتاء الخزائن الروحانية ج 22 ص:641). يظهر جلياً من النصوص أعلاه -وغيرها كثير- أن "ميرزا غلام أحمد" قد ادّعى لنفسه أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود، "والأحمديون" يعتقدون هذا الاعتقاد فيه، وهم يفرقون بين الوحي التشريعي والوحي الإلهامي، فالأول يوافقون جماهير المسلمين بأنه انقطع بوفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أما الوحي الإلهامي فهم يعتقدون أن نبوءة مؤسس جماعتهم ميرزا غلام أحمد" قد تحققت عن طريقه، وهو قد صرح بهذا وادّعاه بكل وضوح وجلاء الوحي الإلهامي ويقينية تحققه من المقرر أن الوحي بمعناه اللغوي يندرج تحته معانٍ عدة منها: الإلهام الفطري للإنسان، كما أوحى الله إلى أم موسى، قال تعالى:{وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه..}[القصص: 7]، ومنها كذلك الإلهام الغريزي للحيوان: كما أوحى الله إلى النحل وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون}[النحل: 68]... إلى ما هنالك من معان أخرى يتناولها الوحي بمعناه اللغوي ولأن إثبات صحة وقوع الوحي بمعناه الإلهامي على أنه من الله، واقع في دائرة الغيب الذي لا سبيل لإثباته إلا عن طريق الخبر الصادق، كما أخبرنا القرآن عن وقوع ذلك لأم موسى، فان كل من يدعيه لنفسه، ويزعمه لذاته مطالب بإقامة الدليل على دعواه تلك، ونحن ليس بين أيدينا دليل نقطع بصدقه يشهد بوقوع ذلك وتحققه إلا القرآن الكريم، ولأن الوحي التشريعي قد انقطع وهو الشاهد الصادق المثبت لوقوع هكذا أحداث، فان كل من يدعي حدوث ذلك له، يعتري ادعاءه الإخباري ذاك الصدق والكذب، حتى يقيم الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة على صحة دعواه، وإلاّ فان مجال الدعوى واسع عريض يحسنه كل أحد ويقوى عليه كل من هبّ ودب ثم إن الوحي الإلهامي لا يعدو أن يكون مطابقاً وموافقاً لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله - كما في الصحيحين وغيرهما- "إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محَدَّثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فانه عمر بن الخطاب"، فالمحدثون هم الملهمون، وهي الإصابة من غير نبوة، وفي شرحه لهذا الحديث وفي معرض حديثه عن وقوع ذلك في الأمة الإسلامية ذكر الحافظ ابن حجر الجملة التالية: "حتى إن المحدث منهم إذا تحقق وجوده لا يحكم بما وقع له بل لابد له من عرضه على القرآن، فان وافقه أو وافق السنة عمل به وإلاّ تركه"، فهل ما جاء به ميرزا غلام أحمد كان موافقاً للقرآن والسنة بما فهمه علماء الأمة وجماهير المسلمين منذ عصر الصحابة ولغاية ساعتنا هذه، أم أنه جاء بمقولات وأفكار ودعاوى خارجة عن المقررات الإسلامية الثابتة، وصادمة للوعي الإسلامي المشكل عبر القرون؟ إن قضيتي خروج المهدي ونزول عيسى عليه السلام، واللتين ادّعاهما مؤسس الجماعة الأحمدية لنفسه، استفاضت بشأنهما الأحاديث النبوية، وتكاثرت فيها صفاتهما وأخبارهما، وحري بمن زعم ذلك وادّعاه أن يدرس تلك الأحاديث ويحققها تحقيقاً علمياً، ثم يرى مدى انطباقها وتحققها فيما انتحله وادّعاه أحاديث المهدي وعيسى ودعاوى "ميرزا بادئ ذي بدء فان الدارس لأدبيات الجماعة الأحمدية، والفاحص لطريقة تعاطيها مع الأدلة الشرعية إثباتاً واستدلالاً، يجد أن للجماعة أصولاً وقواعد خاصة، فهم يُعْمِلون سيف التأويل ويسلطونه على النصوص قطعية الثبوت والدلالة، فيشككون في ثبوتها، ويتعسفون في تأويلها إلى درجة التأويل الفاسد مخرجين لها عن دلالتها، مع ليِّ أعناقها لتوافق معتقداتهم ومقولاتهم، وثاني تلك القواعد أنهم لا يعتمدون علوم الحديث بآلياتها وأدواتها المقررة عند علماء الحديث في عملية التصحيح والتضعيف، بل ما وافق معتقداتهم ومقولاتهم صححوه وحسنوه، وما خالفها وهدمها ونقضها من أساسها ضعفوه أو أعملوا فيه سيف التأويل. فالمهدي - عند من يؤمن به ويعتقد بخروجه - جاء ذكره وبيان صفاته في أحاديث كثيرة، هذه جمل منها: "المهدي منا أهل البيت"، "المهدي من ولد فاطمة"، "لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي... يملأ الدنيا عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً"، "يكون في أمتي المهدي .. فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط تؤتى أكلها ولا تدخر منهم شيئاً والمال يومئذ كدوس فيقوم الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيقول خذ". فهل تحقق شيء من هذه الصفات المذكورة في هذه الأحاديث في "ميرزا غلام أحمد"، فهو أعجمي ليس عربياً ولا يمت إلى الرسول بنسب، واسم أبيه لا يواطئ اسم أبي الرسول، وهو لم يملك العرب ولا العجم، والأرض لم تملأ وقت خروجه عدلاً وقسطاً، وأين هي النعمة العظيمة التي لم تنعم الأمة بمثلها قط وذلك حين خروج المهدي؟ كما أن نزول عيسى عليه السلام، جاءت بخصوصه أحاديث صحيحة صريحة، هذه جمل منها: نزوله عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين ملكين، نزوله وقت ظهور الدجال وقتله له، موت كل كافر يجد ريح نفسه، كسره الصليب، قتله الخنزير، جمعه الناس على دين واحد، كثرة المال في عهده، شيوع الأمن في الأرض بنزوله. وبالقطع واليقين فان شيئاً من ذلك لم يتحقق لـ "ميرزا غلام أحمد" وإن من يستمع إلى متحدثي الجماعة ودعاتها الذين يظهرون على قناتهم النصوص القرآنية المتحدثة عن موت نبي الله عيسى عليه السلام، ظنية الدلالة لذا فإنها تحتمل الاختلاف، والسبب في ذلك راجع إلى تفسير حقيقة وفاة عيسى ورفعه، المذكورة في قوله تعالى: "إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" (آل عمران:55)، وقوله تعالى: "وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا* بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" النساء:157-158 ولئن كان الاختلاف قد وقع بين علماء الأمة في حقيقة الوفاة والرفع، فان جمهورهم على أن الرفع كان بالروح والجسد معاً، وأن الوفاة إما بمعنى النوم، أو القبض، أو على رأي من قال إن في الآية تقديماً وتأخيراً والتقدير إني رافعك إلي... ومتوفيك حينما تنزل إلى الأرض حين يحين أجلك، وأن نزول عيسى عليه السلام سيكون نزولاً حقيقياً كما تواترت الأحاديث النبوية بذلك. ذلك الاختلاف والاحتمال في الفهم والاستدلال فتح الأبواب على مصاريعها "للأحمديين"، كي يستثمروه على أوسع نطاق، فما دام أن عيسى قد مات موتاً طبيعياً، وأن رفعه بجسده خرافة لا حقيقة لها (بحسب اعتقادهم) لذا فان الأحاديث الواردة في نزوله ليست على ظاهرها، بل لا بد من تأويلها، ليخلصوا من ذلك كله إلى أن المراد من نزول عيسى هو نزول مثيله وشبيهه ألا وهو "ميرزا غلام أحمد كما أن رؤيتهم تكتمل بما يعتقدونه من أن المسيح الدجال قائم بيننا، وأنه يجتاح العالم، وهو المتحقق بفهمهم، والمتجسد في رؤيتهم، بالاستعمار الغربي، وأخطاره التبشيرية الاحتلالية، فما مدى انطباق النصوص الحديثية الواردة بشأن الدجال على رؤيتهم تلك؟ وهل حقاً أن الدجال هو أمة (كما تقول الأحمدية) وليس رجلاً (كما نطقت بذلك الأحاديث النبوية) ؟ تكاثرت الأحاديث النبوية التي يخبر فيها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن ظهور الدجال، والتي جاء فيها وصفه وصفاً دقيقاً، مع بيان حاله وما يقع على يديه من خوارق العادات، وما يدعيه من الألوهية، ولعظم خطر فتنة الدجال، التي هي أكبر فتنة ـ كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم بقوله: "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال" (رواه مسلم)، فقد أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من التحذير منه ومن فتنته، وكذلك فعل الأنبياء عليهم السلام من قبله، كما حكى عليه الصلاة والسلام عنهم ـ فيما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ـ "ما بعث الله من نبي إلا أنذر أمته من الأعور الكذاب وفي بعض تلك الأحاديث يُعَلِّم الرسول الكريم أصحابه وأمته أدعية يستعيذون بالله من شر تلك الأهوال والأحداث والفتن، كما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تشهّد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال". وفي صحيح مسلم أن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال من يقرأ تلك الأحاديث ويدقق النظر فيها، ويمعن النظر في ألفاظها ودلالاتها، فإنه يُكَوِّن صورة عن الدجال تتمثل في أنه رجل يظهر في آخر الزمان، وأن ظهوره يكون إحدى علامات الساعة الكبرى، وأن أحداثاً عظيمة من خوارق العادات تجري بين يديه، تكون فتنة للناس... إلى آخر ما ورد في أوصافه وصفاته وأحواله، وعلى ذلك جمهور علماء المسلمين من السلف والخلف، إلاّ أن الجماعة الأحمدية "القاديانية" لها رؤيتها الخاصة والتي تخالف بها كل تلك المقررات الثابتة مخالفة كلية، وتغاير ما عليه اعتقاد أئمة المسلمين وجمهورهم قديماً وحديثاً، فما هي عقيدتهم في المسيح الدجال؟ وكيف يتعاطون مع الأحاديث الواردة في بيان فتنته؟ وهل وفقوا في تأويلاتهم لتلك الأحاديث بإنزالهم لها، وحملهم إياها على وقائع وأحداث وصور ومخترعات معاصرة رأوا أنها تتطابق مع ما جاء وصفه في تلك الأحاديث؟ الأحمدية ومنظومتها العقائدية الرؤية المركزية في المنظومة الفكرية والعقائدية للجماعة الأحمدية قائمة، على أن عيسى بن مريم عليه السلام، قد مات موتاً طبيعياً وأن عملية الصلب التي وقعت له حقيقية، إلا أنه لم يمت قتلاً على الصليب، فقد خُيل لليهود الذين قاموا بصلبه وشُبّه لهم أنه قد مات، إلا أنه بعد إنزاله لم يكن ميتاً، وبعد أن استفاق هاجر إلى بلاد المشرق (العراق، ايران، أفغانستان، كشمير)، وعاش هناك ما يقارب مائة وعشرين سنة، ثم مات هناك، وقد زعموا أن قبره موجود في إحدى مناطق كشمير كما بين ذلك مؤسس جماعتهم "ميرزا غلام أحمد" في كتابه "المسيح الناصري في الهند يبنون على تلك المقدمة، ويستخلصون منها أن نزول عيسى ليس كما يفهمه عامة المسلمين، بل هي أحاديث مجازية، متضمنة لألوان من الكناية والاستعارة، فلا بد من تأويل كل أحاديث الفتن وأشراط الساعة، لتتناغم مع رؤيتهم القائلة، بأن نزول عيسى يعني في فهمهم هو ظهور شبيهه من الأمة الإسلامية، والذي وقع حقيقة ـ وفق تفسيراتهم وتأويلاتهم ومعتقداتهم ـ والذي تمثل في ظهور مهديهم المنتظر ومسيحهم الموعود وهو مؤسس جماعتهم الأحمدية وعلامات الساعة الكبرى من علامات الساعة الكبرى ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطَّلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذاكرون؟" قلنا، نذكر الساعة، قال: "إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم".(أخرجه مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجة وأبو داود فما هو تأويل هذه العلامات في فكر الجماعة "الأحمدية"؟ يذهب "الأحمديون" إلى أن بعض هذه الآيات قد ظهر وتحقق، ففي مقال له بعنوان "حقيقة المسيح الدجال"، - والمنشور على موقع الجماعة الرسمي- يفسر أحد كتابهم - نذير المرادني- الدخان بأنه إشارة إلى ظهور صناعات جديدة ومعامل كبيرة ينطلق من أبراجها الدخان بكثرة، وكذلك ظهور اختراعات حديثة تعتمد أساساً في تشغليها على مواد قابلة للاشتعال كالبترول والفحم الحجري ينتج عن احتراقها الدخان، ويشير أيضاً إلى تطوير القديمة واختراع أسلحة جديدة ينتج الدخان عن استعمالها، وآخرها الأسلحة الفتاكة كالقنابل الذرية، فالدخان ـ كما يرى الكاتب ـ هو ميزة هذا العصر فلذلك يمكن تسمية عصرنا هذا بعصر الدخان ويقرر أن الدجال هو ما يسمى اليوم بالاستعمار أو الرجل الأبيض (وسيأتي تفصيل ذلك)، ويذهب إلى القول بأن الدابة هي وسائط النقل الحديثة كالطائرات والقطارات والسيارات والبواخر التي حلت محل وسائل النقل القديمة الدجال كما تراه "الأحمدية تأسيساً على الأحاديث الصحيحة الواردة في الدجال (بعد تأويلها بما يتفق ورؤيتهم)، وبعض الأحاديث الضعيفة والواهية، فإن الأحمدية شكلت للدجال صورة وتصوراً، يتمثل في أنه الاستعمار والرجل الأبيض وما يحمله معه من شرور وأخطار التبشير والعقائد الضالة المنحرفة، لذا فإن عمل المهدي المنتظر والمسيح الموعود يتجسد في التصدي لشرور الانحرافات العقدية التي يأتي بها المسيح الدجال، وقد يكون من المناسب إيراد بعض النماذج من تأويلاتهم للأحاديث وكيفية إنزالها على الوقائع والأحداث * يخبرنا الرسول الكريم صلى اللـه عليه وسلم: أن الدجال حين يخرج من مكمنه ينزل في بلاد الشام والعراق: أي يغزوها ويحتلها وهذا ما حدث بعد الحرب العالمية الأولى حين زحفت جحافل الغرب على البلاد العربية في المشرق والمغرب * يصف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم سرعة الدجال في سفره وانتقاله بأنها تعادل سرعة الريح وهذا الوصف إشارة إلى استعماله وسائط نقل سريعة وقوية يستغني بها عن وسائط النقل القديمة المعروفة * ويصفه أيضاً أن لديه إمكانيات ووسائل تمكنه من إنزال المطر وزراعة الأرض زراعة جيدة وإنبات محاصيل ذات مواصفات جيدة أيضاً وأنه نتيجة اعتماده على وسائل متقدمة ومتطورة في مجال الري والزراعة وتربية الحيوانات الداجنة سينعم بخيرات لا حدود لها، وهذا الأمر ذكُر في روايات أخرى بأن الدجال حينما يخرج، يخرج معه جبال من خبز وجبال من فواكه وجبال من الخضرة وجبال من ثريد، أي تتبعه خيرات الأرض يتصرف بها حسب أهوائه *ثم يخبرنا الرسول الكريم صلى اللـه عليه وسلم: أن البلاد والشعوب التي تقاطعه وتخالفه وتقطع صلاتها به: تُمهل بلادها فيصبحون ليس بأيديهم شيء من أموالهم وخيراتهم وهذا إشارة إلى الحصار الاقتصادي الذي يقيمه الدجال ضد الدول التي تختلف معه بنظام حكمها وبآرائها السياسية ومواقفها الدولية، ولأن خيرات الأرض بيديه يتصرف بها حسب أهوائه وميوله الاستعمارية *يُعلمنا الرسول الكريم صلى اللـه عليه وسلم: أن الدجال لديه إمكانات تساعده في استخراج كنوز الأرض وخيراتها من الذهب والمعادن الأخرى والبترول، يقول عليه السلام: (يمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك). وأن الدجال هو أكثر الناس فائدة من استخراج هذه الكنوز وأنه يحملها إلى بلاده لينعم بخيراتها ويستفيد وحده منها، وإن هذه الأراضي المليئة بالخيرات والكنوز تكون مهملة من قبل أصحابها الحقيقيين بسبب جهلهم وتخلفهم العلمي * ثم يصور لنا الرسول الكريم صلى اللـه عليه وسلم صورة حقيقية عن تقدم الدجال في مجال الطب لدرجة أنه يقوم بإجراء عمليات جراحية يكون الإنسان خلالها كالميت تماماً وبعد انتهاء العملية ونجاحها يعود الإنسان أكثر حيوية وأكثر نشاطاً وقوة. ثم يدعو رجلاً شاباً، فيضربه بالسيف فيقطعه، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه حمار الدجال كما تصوره "الأحمدية لعل من أغرب تأويلاتهم تلك ما استخلصوه من الأحاديث التي لم يثبت منها شيء حول حمار الدجال، وهم لا يعتنون بتصحيح الأحاديث وتضعيفها وفق القواعد المقررة عند علماء الحديث، بل يتشبثون بكل ما يسند تأويلاتهم، ويدعم رؤيتهم بصرف النظر عن مدى ثبوته وصحته، فما قيمة تلك الأحاديث الواهية والضعيفة ـ كأحاديث حمار الدجال كما سيأتي ـ حتى تبنى عليها عقائد وتصورات، فيما يلي بعض نماذج من تأويلاتهم لحمار الدجال، والتي يرون أنها تنطبق على وسائل النقل الحديثة * في حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء وصف الحمار على الشكل الآتي: تحت الدجّال حمار أقمر طولُ كلِّ أذن من أُذنيه ثلاثون ذراعاً يتناول السَّحاب بيمينه ويسبق الشمس إلى مغربها" كنز العما ل في هذا الحديث إشارة واضحة إلى الطائرة التي هي من مخترعات الدجّال في آخر الزمان، فلفظ حمار أقمر أي لونه فضّي، وهذا هو لون الطائرة وأُذناه الطويلتان هما جناحا الطائرة، وما تبقّى من ألفاظ الحديث لا ينطبق إلاّ على الطائرة. لأنّه لا يسبق الشمسَ إلى مغربها إلا الطائرة * وروى أبو نعيم عن أبي حذيفة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(يصف حمارَ الدجّال: يخوض البحرَ لا يبلغ حقويه وإحدى يديه أطول من الأخرى، فيبلغ قعره فيخرج الحيتان ما يريد). وهذا الحديث يُشير إلى اختراع البواخر العملاقة منها ما هو مُخَصَّص لصيد الحيتان ومنها ما هو مُخصَّص لنقل البضائع وشحنها، وهذا النوع مزوَّد بروافع آلية من أجل تحميل البضائع إلى السفينة ثمّ تفريغها منها. والبواخر هي وسيلة النقل التي خرج بها الدجّالُ من جزيرته إلى شتّى أنحاء العالم، وقد وُصِفَت بأنّ صوتها يصل إلى الخافقين من شدّته ويخرج الدخان من خلفه * الوصف الأخير لحمار الدجّال ينطبق على القطارات التي كانت تعتمد في سيرها على الفحم الحجري، وهي وسيلة النقل البرية الأساسية التي كان الدجّال يعتمد عليها في تنقُّلاته البرية الداخلية في البلاد التي وصل إليها واستعمرها، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن هذا الحمار:(يأكل الحجارة - أي الفحم الحجري- ويسبقه جبل من دخان ـ أي يخرج دُخانه الكثيف من مقدمته ـ ويركب الناس في جوفه - أي بداخله- وليس على ظهره وهذا مصداق قوله تعالى في سورة التكوير:(وإذا العِشارُ عُطِّلَت) أي أنه في آخر الزمن زمن خروج الدجّال وزمن عودة اليهود إلى فلسطين يستغني الإنسان عن ركوب واستعمال الجمال بسبب اختراع وسائل نقل أقوى وأسرع - الغـد 23/11/2007 http://www.alrased.net |