إعداد اولف ليسينج - قاعدة ادير (العراق): منذ أشهر لم يعد يشغل بال اللفتنانت سيدني ليزلي حماية قوافل الجيش الامريكي في العراق من التفجيرات وهجمات المسلحين بل حزم المعدات وتحميل الشاحنات والعودة للديار في بدفورد بولاية فرجينيا كانت كتيبته - وهي الكتيبة الاولى من فوج المشاة 116- تسير قوافل عسكرية في انحاء العراق ولكنها الآن بين الاف القوات التي تنسحب من العراق فيما تخفض الولايات المتحدة عدد قواتها هناك إلى 50 ألفا بحلول 31 آب/ اغسطس موعد إنهاء عملياتها العسكرية في البلاد. وتنطوي عملية سحب القوات الامريكية من العراق بعد حرب دامت سبعة أعوام ونصف العام على احد أكبر التحديات اللوجيستية في تاريخها. وقال اللفتنانت جنرال وليام وبستر قائد الجيش الثالث الذي يشرف على سحب المعدات في بيان 'انها أكبر عملية منذ الاستعداد للحرب العالمية الثانية واعيد نشر نحو مئة ألف جندي امريكي خلال الاشهر الثمانية عشر الماضية ونقل عدد كبير إلى أفغانستان حيث تتصدى قوات يقودها حلف شمال الاطلسي لتمرد طالبان وخرجت نحو 2.2 مليون قطعة من المعدات من بينها الاف الدبابات وحاملات الجند المدرعة والشاحنات من البلاد واغلقت أكثر من 500 قاعدة من بين 600 قاعدة عسكرية بعضها في حجم مدن صغيرة أو سلمت للعراقيين. واعتبرت معدات يقل عددها عن مليون بقليل وتصل قيمتها إلى 151 مليون دولار فائضة عن احتياجات الجيش الامريكي وجرى التبرع بها لقوات الامن العراقية. وتشمل المعدات أشياء مثل سيارات الدفع الرباعي والهمفي ومكيفات الهواء. ويقول ليزلي ان وحدته المتمركزة في قاعدة ادير للعمليات المتقدمة بالقرب من الناصرية على بعد 300 كيلومتر جنوبي بغداد نقلت وحدها معدات بقيمة 20 مليون دولار على الأقل وفي قاعدة ادير وهي قاعدة جوية ضخمة ترجع لعهد الرئيس الراحل صدام حسين قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 تعمل الوحدات اللوجيستية ليل نهار كي يلتزم الجيش الامريكي بالجدول الزمني لانسحابه. وقال اللفتنانت كولونيل سكوت سميث قائد الكتيبة الاولى من الفوج 116 إن كتيبته أعدت نحو 200 مركبة للمغادرة. وقال هو ينتظر طائرة تقله إلى الكويت 'انه عدد ضخم من المعدات وفي كل يوم خلال الاسابيع الماضية قطعت قوافل تضم 40 شاحنة وحاملة جند او اكثر مئات الكيلومترات جنوبا في الصحراء في طريقها إلى الكويت من حيث انطلقت القوات الغازية للعراق وتفضل القوافل السير ليلا كي يكون الطريق غير مزدحم ولتقليص خطر الهجمات بقنابل مزروعة على الطريق ولكن مع ضخامة حجم المعدات التي ينبغي نقلها تسير القوافل في النهار ايضا رغم شدة حرارة الصيف وقتل أكثر من 4400 جندي امريكي في العراق منذ الغزو. وبصفة عامة تراجعت أعمال العنف التي بلغت ذورتها ابان الاقتتال الطائفي في عامي 2006 و2007 ولكن لازالت البلاد تشهد تفجيرات متكررة مما يجعل مهمة حماية القوافل الامريكية مهمة خطيرة. وقال السارجنت كيفين ستيوارت 'رحلات القوافل يمكن أن تستغرق ثماني ساعات. استغرق بعضها 16 ساعة دون توقف'. واتفق معه السارجنت باري كرتيس قائلا 'الاسترجاء غير وارد على الطريق وستكون مهمة الألوية الأمريكية الستة التي ستبقى في العراق قبل الانسحاب الكامل في 31 د كانون الاول/يسمبر2011 تقديم المشورة والدعم لقوات الجيش والشرطة العراقية. ويقول مسؤولون عسكريون امريكيون ان ذلك لا يعني انها لن تواجه مهام قتالية.. فهي ستظل مسلحة تسليحا كاملا وستكون على اهبة الاستعداد للدفاع عن نفسها عند الضرورة لكن مسؤولية التصدي للمسلحين السنة والميليشيات الشيعية ستلقى على عاتق قوات الامن العراقية بالكامل. ولا يزال العنف منتشرا بالبلاد إذ زاد عدد القتلى المدنيين في تموز/ يوليو للمثلين تقريبا مقارنة بالشهر السابق حسب بيانات الحكومة العراقية. وواصل المسلحون هجماتهم في اعقاب الانتخابات التي جرت في اذار/ مارس ولم تسفر عن فائز واضح ولم تتمخض عن حكومة جديدة حتى الآن ويعد خفض عدد القوات الامريكية ضربة قوية للشركات في الكويت المجاورة التي أحدث فيها غزو العراق طفرة بفضل عقود توريد اغذية لآلاف الجنود والدبلوماسيين والمتعاقدين الامريكيين. وأحد الامثلة البارزة شركة اجيليتي الكويتية التي كانت شركة صغيرة تعرف باسم شركة المخازن العمومية وأصبحت بين عشية وضحاها أكبر شركة تموين وإمداد في الخليج وحصلت على مليارات الدولارات من عقود التوريد الامريكية. وظلت قوافل الشاحنات تخرج على مدى سنوات من مجمع مخازن قرب مدينة الكويت إلى الطريق الرئيسي المؤدي العراق. واضيرت اسهم اجيليتي لسنوات نتيجة مخاوف بشأن ضياع صفقات التوريد الامريكية قبل الانسحاب العام المقبل وفي قاعدة علي السالم الجوية في الكويت إلى الجنوب من الحدود العراقية تصطف طائرات نقل من طراز سي-130 بينما يجلس جنود في خيمة ضخمة مكيفة يتابعون مباريات كرة القدم الامريكية او ينامون إلى حين إقلاع طائراتهم بينما حقائبهم مكومة خارج الخيمة ويتجاهل كثيرون الوجبات الجاهزة التي يوزعها الجيش ويتوجه البعض مباشرة لأحد مطاعم بيتزا هت في القاعدة. وربما يكون البعض في طريقه لحرب مختلفة في افغانستان الا ان كثيرين سيعودون إلى حياتهم الطبيعية. وسيستأنف اللفتنانت ارون بنيكامب الذي يقود فصيلة دراسته بكلية الحقوق ويقول وهو يبتسم سعيدا بانتهاء مهمته في العراق 'يمثل الجلوس في قاعة دراسة وقراءة الكتب تغييرا شاملا'. وهو سعيد بانتهاء مهمته في العراق. ويضيف 'كان الامر ممتعا لقلة قليلة جدا أما الغالبية العظمى فجاءت إلى هنا لمجرد تنفيذ الأوامر المصدر : القدس العربي