|
القرآنيون -3-: مسيلمة تلميذ عندهم د.أحمد خيري العمري
تتلخص خطة القرآنيين (عفوا، خطة من يطلقون على أنفسهم القرآنيين والقرآن منهم براء) في الإيقاع بضحاياهم عبر تشويه كتب الحديث المعتمدة والعلماء الذين قاموا بتصنيفها تشويهاً يهدم كل ثقة يملكها القارئ العادي بهذه المصنفات.. وعندما أقول تشويهاً فإني هنا لا أقصد التقليل من قيمتها العلمية أو المطالبة بإعادة النظر في بعض مكوناتها (وهو أمر يبقى مقبولاً طالما بقى ضمن إطار علمي).. لكن هذا ليس غايتهم على الإطلاق بل هم يركزون على نسفها تماما وبالكلية، وحرقها حرقا نهائياً بأثر رجعي غير قابل للنقض هم مثلاً، أو على الأقل في كتبهم المعتمدة والأساسية عندهم وكما سنأتي على ذكر الأمثلة تفصيلاً، يعتبرون أن كبار أهل الحديث كانوا يقودون مؤامرة ضد الرسول عليه الصلاة والسلام بغرض تشويه سيرته والحطّ من مكانته، وذلك عبر الافتراء عليه ووضع أحاديث ينسبونها له ووقائع يتهمونه بكونه جزءاً منها، وكل ذلك ليس سوى جزء من خطة معدة مسبقاً ضد الإسلام ورسوله نركّز هنا، كما سنأتي على أمثلة مقتبسة نصاً من أهم كتاب للقرآنيين، على أنهم لا يتحدثون عن خطأ غير متعمد –مثلاً-وقع فيه البعض من رواة وجامعـي الأحاديث- بل يتحدثون عن سبق إصرار وترصد مزعوم، ويكررون ذلك كثيراً وبإصرار كما فعل ويفعل كل محترفي التزوير عبر التاريخ..، أي كما عبّر بالنيابة عنهم جميعا “غوبلز”-وزير الإعلام في ألمانيا النازية: عندما تكذب كذبة كبيرة وتستمر في ترديدها، فإن هناك احتمالية كبيرة أن يصدقك الناس أي إن الكذبة يجب أن تكون كبيرة أولاً، ويجب أن تستمر في ترديدها طول الوقت لكي تجعل البعض يصدقك بالتدريج.. وهذا ما يفعله القرآنيون، كذبتهم كبيرة بحيث إنها تحوِّل البخاري إلى سلمان رشدي وأسوأ (بلا أية مبالغة.. وسنقتبس منهم مباشرة).. ثم إنهم بعد ذلك يرددون كذبتهم في كل حين، ويزعمون الدفاع عنه عليه الصلاة والسلام ضد العصابة المزعومة المكونة من البخاري ومسلم (وهي الفئة التي يتمنى أن يحشر معها كل مسلم عاقل محب للرسول عليه الصلاة والسلام لماذا يعمد هؤلاء أصلاً إلى ذلك؟ وما الهدف من إستراتيجية الكذب والتزوير هذه؟ الهدف عندهم هو إجراء مناورة يلتفون فيها حول حجية السنة، (أي حول كون السنة حجة ثابتة ومصدر أساسي في التشريع).. إنهم يدركون تماما صعوبة إلغاء هذه الحقيقة (كما سنأتي في مقال لاحق) لذلك فهم يحاولون إلقاء قنابل دخانية-صوتية، لا على حجية السنة بل على محتواها، فيزعمون أنه محتوى مكذوب على الرسول عليه الصلاة والسلام، وبالتالي لا يكون للحديث عن “حجية السنة” معنى ما دامت السنة التي وصلتنا نفسها جزء من مؤامرة ضده عليه الصلاة والسلام بزعمهم التشكيك الجزئي، خاصة عندما يكون عبر أكاذيب كبيرة، يبقى أسهل تنفيذاً وأكثر استجلاباً للنتائج بالنسبة لهم من النقاش النظري حول حجية السنة، لذا نراهم يبذلون جهداً اكبر في هذه الحملة وينفقون جزءاً كبيراً من جهدهم فيها سنرى أيضا تركيزهم في هذا على البخاري تحديداً أكثر من سواه، والهدف في ذلك واضح، عندما يشككون بالبخاري-وهو من هو في دقته العلمية-لا يعود هناك معنى أصلاً لبذل أي جهد للتشكيك بحديث في الترمذي أو ابن ماجة.. البخاري هو “الحلقة الأقوى” التي يدرك هؤلاء أن النيل منها سيؤدي إلى النيل من الحلقات الأقل قوة، أي من كل الأحاديث ضمناً لكن ما هي آليات النيل والتشكيك بالبخاري واتهامه بكل هذا وهو تلك القمة السامقة في علم الحديث؟ تدور آليات هذه الإستراتيجية حول محورين أساسيين يمكن أن نجدهما في كل التهم المحور الأول: يركز على أحاديث صحيحة وموجودة فعلاً في البخاري وغيره، وهي أحاديث تدور حول الحياة الخاصة بالرسول الكريم، أو علاقاته بأقاربه وقريباته، ويتم نقل النصوص غالباً من دون إحداث أي تزوير في نصوصها، ولكن إما بإخفاء بعض الحقائق، أو بالتعليق عليها على نحو يحرض القارئ على اتخاذ موقف ضدها المحور الثاني: يعمل على إحداث تحريف في الأحاديث، غالباً ما تكون هذه التحريفات بسيطة جداً لكنها كفيلة بتغيير معناها تماماً ويصاحب ذلك تحريض القارئ في الأسلوب ذاته ضد البخاري. وهذا المحور أشد خبثاً وخطراً على القارئ الكسول الذي لا يحاول التدقيق فيما يسمع، ولكن من الناحية العملية هذا المحور يفضح القرآنيين، ولا يترك أي مجال لحسن الظن،.. يمكن للبعض أن يحسن الظن تجاه بعض هذيان القرآنيين (أن يعتبر أنهم ممن رُفِع عنهم القلم مثلا!).. أو أن يعدّهم مجرد ردّ فعل تجاه تيار ساوى بين القرآن والسنة دون ضوابط أو شروط.. لكن عندما يصل الأمر إلى وجود تحريف وتزوير متعمد فإن ذلك يقوّض أية إمكانية لحسن الظن بهم بل يجعل من يحسن الظن بهم في دائرة الاتهام المباشر نماذج من المحور الأول: فرضية إن الرسول لم يكن إنسانا من الأمثلة على النموذج الأول مجمل الأحاديث التي تتحدث عن العلاقة بينه عليه الصلاة والسلام وبين زوجاته، فالقرآنيون، من أجل نسف هذه الأحاديث، يفترضون أو يزعمون أن الرسول الكريم يجب أن يكون مشغولاً –طول الوقت،24/7 كما يقال اليوم، ببناء الأمة صباحاً وبالتهجد ليلاً، ولا وجود لعلاقة زوجية حقاً كما لو أن كل زيجاته عليه الصلاة والسلام هي زيجات شكلية مع وقف التنفيذ.. لذا فهو يستغرب ويستنكر ويستهول أي حديث يتحدث عن مرور الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على زوجاته في ليلة واحدة، وننقل هنا نص ما كتب كيف كان النبي يقضي يومه لك يا عزيزي القارئ أن تتخيل الإجابة على هذا السؤال وستجدها مطابقة لما جاء فى القرآن الكريم. فمنذ أن نزل الوحى على النبى وهو قد ودع حياة الراحة وبدأ عصر التعب والإجهاد والجهاد، ويكفى أن أوائل ما نزل من القرآن يقول له ﴿يا أيها المدثر. قم فأنذر﴾ و﴿يا أيها المزمل. قم الليل إلا قليلا﴾ أى أن وقت النبى منذ أن نزل عليه الوحى كان بين تبليغ الرسالة والمعاناة فى سبيلها ثم قيام الليل.. وليس هناك بعد ذلك متسع للراحة التى هى حق لكل إنسان، وانتقل النبى للمدينة وقد جاوز الخمسين من عمره فزادت أعباؤه، إذ أصبح مسئولاً عن إقامة دولة وتكوين أمة ورعاية مجتمع، ثم هو يواجه مكائد المنافقين فى الداخل والصراع مع المشركين باللسان والسنان، ثم هو بعد ذلك يأتيه الوحى ويقوم على تبليغه وتأسيس المجتمع المدنى على أساسه.. ونجح النبى عليه السلام فى ذلك كله. وفى السنوات العشر التى قضاها فى المدينة إلى أن مات انتصر على كل أعدائه الذين بدأوه بالهجوم، ودخل الناس فى دين الله أفواجا.. ومع هذا فإنه فى حياته عليه السلام لم ينقطع عن قيام الليل ومعه أصحابه المخلصين الذين كانوا الفرسان بالنهار العابدين لله تعالى بالليل، رضى الله عنهم أجمعين.. هذا ما لا نشك لحظة يا عزيزى القارئ فى أنك تتفق معنا فيه. بل وكل عاقل من أى ملة ودين لا يملك إلا أن يسلم بأن الذى أقام دولة من لا شىء ونشر دعوة ونهضت به أمة لا يمكن إلا أن يكون قد وهب وقته كله لله ولدين الله وعمل كل دقيقة فى حياته لتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا هى السفلى (….) إذن كان النبى يقضى النهار فى الجهاد وتبليغ الدعوة ورعاية الدولة ويقضى ليله فى قيام الليل للعبادة، وكان معه أصحابه. هذا ما يثبته الرحمن فى القرآن. وهذا ما ينبغى الإيمان به وتصديقه إذا كنا نحب الله ورسوله ونؤمن بكتابه وندفع عن النبى الأذى وما يشوه سيرته العظيمة وإذا بحثنا عن إجابة لنفس السؤال “كيف كان يقضى يومه” فى أحاديث البخارى وجدنا إجابة مختلفة وعجيبة نقرأ فى البخارى حديث أنس “إن النبى كان يطوف على نسائه فى ليلة واحدة وله تسع نسوة” والآن.. هل نصدق حديث القرآن عن النبى وقيامه الليل مع أصحابه وانشغالهم بالجهاد أم نصدق تلك الروايات البشرية؟ نترك لك ذلك عزيزى القارئ. ولا حول ولا قوة إلا بالله..!!) انتهى باختصار –القرآن وكفى،الفصل الثالث وهكذا فالكاتب يفترض وجود تعارض بين قيام الليل والجهاد والتبليغ وبين العلاقة الزوجية، وهي نظرة رهبانية لا وجود لها في الاسلام، بل إنها مضادة تماما للتوازنات التي عبّر عنها الإسلام، والتي هي جزء أساسي من فاعليته ومن تميزه عن بقية الأديان.. بل هي نظرة مؤذية وسلبية جداً على صعيد تعليم الأجيال: إذ إنها تعطي انطباعاً خاطئاً عن القائد أو داعية التغيير بأنه “رجل خارق” تخلّص من إنسانيته واحتياجاته البشرية وعواطفه، وهي نظرة تؤدي عملياً إلى عدم ظهور “القادة الحقيقيين” وإلى التشويش عليهم عندما يظهرون فعلاً دون أن يكفوا عن كونهم بشرا.. وللحقيقة فإني هنا لا أؤمن أن من يُسمّون أنفسهم قرآنيين يؤمنون حقاً بالنظرة التطهرية، فمعظم من نكبت بمعرفتهم منهم كانوا متفلتين من أبسط الالتزامات الشرعية، لكنهم فقط يزايدون على البخاري.. بل على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام (فلنتذكر هنا أن نص ما ذكره الكاتب كان تحت عنوان كيف كان الرسول يقضي يومه، ولكنه انتقى هذه الأحاديث فقط كما لو أن البخاري لم يروِ شيئا عن تعبد الرسول وعن جهاده وقيامه وخصفه لنعاله ومساعدته لأهله..الخ من الأمثلة الأخرى نطق الرسول بكلمة معينة لها معنى الجماع الصريح.. ومرة أخرى ننقل من نصوصه (…”ولا تتورع -!-أحاديث البخارى عن نسبة الألفاظ النابية والتعبيرات المكشوفة الخارجة للنبى عليه السلام، وذلك حتى تكتمل صورة الشخص المهووس بالجنس والنساء التى أحاط بها شخصية النبى عليه السلام وسيرته فى ليله ونهاره. فهناك حديث نسبه البخارى للنبى جعل النبى يقص قصة إسرائيلية يقول فيها “وكان فى بنى إسرائيل رجلً يقال له جريج كان يصلى جاءته أمه فدعته فقال : أجيبها أو أصلى فقالت: اللهم لاتمته حتى تريه وجوه المومسات إن الرجل المحترم لا يستطيع أن يتلفظ بهذه الكلمة (المومسات) فكيف برسول الله عليه الصلاة والسلام.. وتلك القصة لا تستند إلى منطق درامى فى عالم التأليف .واعتقد أن الهدف من صياغتها الركيكة هى أن يضعوا كلمة نابية على لسان الرسول بأى شكل.. وتفوح الإيحاءات الجنسية المثيرة من بعض أحاديث البخارى التى ينسبها للنبى مثل “لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها آخر اليوم”. (البخارى الجزء السابع ص 42) وما الذى نستفيده من هذه النصيحة الغير الغالية وأسوأ ما فى هذه الأحاديث المكشوفة هو لفظ أورده البخارى لا نجرؤ على كتابته ونترك للقارئ فهمه والبحث عنه بنفسه، يقول “لما أتى ماعز بن مالك النبى (صلى الله عليه وسلم) قال له: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت: قالا لا… قال (…..)(2) لايكنى، قال فعند ذلك أمر برجمه”.. هل نتصور قائد أمة يتلفظ بهذا اللفظ النابى؟ فكيف بالرسول الكريم الذى قال فيه ربنا جل وعلا ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾!!! نعوذ بالله من الكذب على رسول الله .انتهى..الفصل الثالث باختصا الحديث الحديثي ،ولا على النبي عليه أفضل الصلاة والسلام بل على رب العزة الذي ذكر في القرآن نفسه ألفاظا مثل عتل وزنيم في سياق التعريض بالمشركين ينبغى كذلك التفريق بين التلفظ بكلمة معينة لها مدلولها ضمن السياق، وبين الكلمة في سياق السب والتعريض بالأشخاص المنهي عنه حتماً.. حوار الرسول عليه الصلاة والسلام مع ماعز مثلاً هو بمثابة تحقيق يتطلب أن تكون فيه كل كلمة واضحة، فكلمة زنا مثلاً يمكن أن تكون بمعان مختلفة (كما في الحديث الشريف، زنا النظر، وزنا اللسان..الخ).. لذلك من أجل التأكد كان لابد من استخدام اللفظ المباشر الذي يؤكد وقوع ما يستلزم تنفيذ الحدّ الشرعي.. هذا بالإضافة إلى إن تحديد ما يكون أو لا يكون مناسباً للذوق العام أمر يختلف من منطقة لأخرى ومن زمان لآخر(الرجاء عدم تحويل ذلك إلى مسألة صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان فالحديث عن لفظ عابر وليس عن حكم شرعي) ومن الأمثلة المعروفة أن اللفظ الذي يشار به للمرأة في لهجة العراق أو المشرق العربي عموماً، يعد لفظا نابياً في مصر.. فهل يعني هذا شيء على الإطلاق.. هل يمكن أن نستهول اللفظ إذا نطق به عراقي ضمن بيئته؟.. أسجل مرة أخرى عدم اقتناعي بعفة لسان الكاتب لدرجة أنه يستهول وجود ألفاظ كهذه، فما نقل عنه من تصريحات سوقية في موقعه على الانترنت ينافي ذلك تماما “السنة دي ودت الإسلام في داهية.. والبخاري مليان بلاوي..!!) كما إن اعتراضه على ورود لفظ المومسات أو النهي عن ضرب المرأة ومن ثم مجامعتها، هذا الاعتراض مجرد تنطع سخيف لا محل له من الإعراب اللهم إلا بالبحث عن “ضمير غائب تقديره..هُم كل ما مضى يبقى أقل مما سيأتي، الرجل مرهف الحس ورقيق ولا يود أن يعرف أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان إنسانا بكل معنى الكلمة ويزعجه الحديث عن ذلك.. لكن لنر الآن هذا المقطع الخطير المنقول نصا من الكتاب ذاته يسند البخارى رواية أخرى لأنس تجعل النبى يخلو بأم سليم الأنصارية، تقول الرواية “إن أم سليم كانت تبسط للنبى نطعاً فيقيل عندها- أى ينام القيلولة عندها- على ذلك النطع، فإذا نام النبى أخذت من عرقه وشعره فجعلته فى قارورة ثم جمعته فى سك” ويريدنا البخارى أن نصدق أن بيوت النبى التى كانت مقصداً للضيوف كانت لا تكفيه وأنه كان يترك نساءه بعد الطواف عليهن ليذهب للقيلولة عند امرأة أخرى، وأثناء نومه كانت تقوم تلك المرأة بجمع عرقه وشعره.. وكيف كان يحدث ذلك.. يريدنا البخارى أن نتخيل الإجابة.. ونعوذ بالله من هذا الإفك ..ثم يؤكد البخارى على هذا الزعم الباطل بحديث أم حرام القائل “كان رسول الله يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن أبى الصامت فدخل عليها رسول الله فأطعمته وجعلت تفلى رأسه فنام رسول الله ثم استيقظ وهو يضحك فقالت: وما يضحكك يا رسول الله؟… إلخ” فالنبى على هذه الرواية المزعومة تعود الدخول على هذه المرأة المتزوجة وليس فى مضمون الرواية وجود للزوج، أى تشير الرواية إلى أنه كان يدخل عليها فى غيبة زوجها ويصور البخارى كيف زالت الكلفة والاحتشام بين النبى وتلك المرأة المزعومة، إذ كان ينام بين يديها وتفلى له رأسه وبالطبع لابد أن يتخيل القارئ موضع رأس النبى بينما تفليها له تلك المرأة فى هذه الرواية الخيالية، ثم بعد الأكل والنوم يستيقظ النبى من نومه وهو يضحك ويدور حديث طويل بينه وبين تلك المرأة نعرف منه أن زوجها لم يكن موجوداً وإلا شارك فى الحديث وصيغة الرواية تضمنت الكثير من الإيحاءات والإشارات المقصودة لتجعل القارئ يتشكك فى أخلاق النبى. فتقول الرواية “كان رسول الله يدخل على أم حرام..” ولاحظ اختيار لفظ الدخول على المرأة ولم يقل كان يزور والدخول على المرأة له مدلول جنسى لا يخفى، والايحاء هنا موظف جيدا بهذا الأسلوب المقصودة دلالته. ثم يقول عن المرأة “وكانت أم حرام تحت عبادة بن أبى الصامت” فهنا تنبيه على أنها متزوجة ولكن ليس لزوجها ذكر فى الرواية ليفهم القارئ أنه كان يدخل على تلك المرأة المتزوجة فى غيبة زوجها، وهى عبارة محشورة فى السياق عمدا حيث لا علاقة لها بتفصيلات الرواية . الا أن حشرها هكذا مقصود منه ان النبى كان يدخل على امرأة متزوجة فى غيبة زوجها ويتصرف معها وتتعامل معه كتعامل الزوجين. وحتى يتأكد القارىء ان ذلك حرام وليس حلالا يجعل البخارى اسم المرأة “أم حرام” ليتبادر إلى ذهن القارئ أن ما يفعله النبى حرام وليس حلالاً. ثم يضع الراوى- بكل وقاحة- أفعالاً ينسبها للنبى عليه السلام لا يمكن أن تصدر من أى إنسان على مستوى متوسط من الأخلاق الحميدة فكيف بالذى كان على خلق عظيم.. عليه الصلاة والسلام، فيفترى الراوى كيف كانت تلك المرأة تطعمه وتفلى له رأسه وينام عندها ثم يستقيظ ضاحكاً ويتحادثان.. نعوذ بالله من الافتراء على رسول الله وقد كرر البخارى هذه الرواية المزعومة بصور متعددة وأساليب شتى ليستقر معناها فى عقل القارئ انتهى.المصدر ذاته البخاري إذن هنا وفي رأي الكاتب يتحول إلى سلمان رشدي بل أخطر من ذلك، فالأخير قوبل برفض من قبل عموم المسلمين، أما المؤامرة البخارية في زعم الكاتب، فقد انطلت على المسلمين، وصدقوا جميعا هذه الافتراءات فلنلاحظ محاولة الكاتب حشو النص الذي رواه البخاري بملاحظاته، فهو يقول إن الرسول الكريم بعد أن انتهى من “طوافه”على نسائه، ذهب لينام عند امرأة أخرى.. فهو يحاول قسرا إسقاط معنى الطواف على زيارة النبي عليه الصلاة والسلام لأم سليم (كما لو أن البخاري قد أورد الحديثين الواحد تلو الآخر!) وإدراج ذلك ضمن إيحاءات لم ترد في نص البخاري قط…. كذلك يكرر نفس الاتهامات في سياق قصة أم حرام، فهو يقرر أن كلمة حرام هنا كانت لتذكير القارئ بأنه عليه الصلاة والسلام كان يفعل الحرام..! كما إنه يقرر أن البخاري تعمد استخدام لفظ “الدخول” ليوحي لنا بما تعنيه الكلمة من معان جنسية.. كما يتهم البخاري بأنه تعمد ذكر اسم زوج المرأة ليذكر القارئ بأنها كانت امرأة متزوجة وأن الرسول كان يدخل عليها في غيبة زوجها!! القارئ العادي، قليل الإطلاع أو حتى المتوسط الإطلاع ستؤثر عليه الشبهة، وسيجد نفسه أمام خيارين: إما أنه عليه الصلاة والسلام كان يفعل ذلك بكل ما يعنيه الأمر .. أو أن البخاري يكذب عليه، وهذا يعني أنه يمكن أن يكذب في كل شيء رواه عنه والحقيقة التي تعمد الكاتب إخفاءها والتي لا أشك أنه يعلمها علم اليقين، هي أن أم سليم وأم حرام (وهما شقيقتان بالمناسبة) هما خالتا النبي عليه الصلاة والسلام بالرضاعة، خالتاه..!(أي أنهما أختا والدة الرسول الكريم آمنة بنت وهب بالرضاعة،وهما من بني النجار نفس عشيرة آمنة بنت وهب..).. الرجل حشد الحديث بكل ما يمكن وما لا يمكن من إيحاءات، بل وأمسك طبلاً ليشهر ويفضح ويغمز ويلمز.. والنتيجة هي أنه لم يكن يغمز البخاري فحسب بل كان عمليا يغمز الرسول عليه الصلاة والسلام.. هل هناك تزوير وكذب أكثر من هذا، من تمرير القصة وبهذا السياق دون ذكر أن المرأة كانت خالته، وأنها من محارمه عليه الصلاة والسلام..؟ هل هناك تعمد أكثر من هذا..؟ وهل يمكن تبرئة الكاتب والتصور أنه يهدف للدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام..(الدفاع عنه ضد من؟ ضد البخاري قد يقول قائل: لِم لَم يقل البخاري أنها خالته وينهي المشكلة أصلاً ويردّ الشبهة.. أية مشكلة وأية شبهة؟؟!!.. هل كان على البخاري أن يعرف أي سوء سيأتي به أدعياء التجديد وأمثالهم، المرأة كانت خالته، وكان ذلك معروفا عند الناس، ولذلك لم يذكر ذلك وليس مطلوبا منه أن يرد على شبهات لم تطرح في وقته (يحضرني هنا استغلال من نوع آخر للحديث ذاته، قام به أحد أدعياء التجديد،إذ إنه بنى على الحديث جواز الاختلاط والدخول على النساء الأجنبيات والنوم عندهن نماذج من المحور الثاني..نقاط على الحروف نماذج المحور الثاني أكثر خطورة وجرأة عبر إحداث تحريف بسيط جداً في نص الحديث لكنه تحريفٌ كافٍ ليغير المعنى ليتناسب مع التعليقات التي يحشدها على الحديث ومع النصوص (…. ونقرأ حديث أنس: “جاءت امرأة من الأنصار إلى النبى فخلا بها فقال: والله إنكن لأحب الناس إلى” والرواية تريد للقارئ أن يتخيل ما حدث فى تلك الخلوة التى انتهت بكلمات الحب تلك.. ولكن القارئ الذكى لابد أن يتساءل إذا كانت تلك الخلوة المزعومة قد حدثت- فرضاً- فكيف عرف أنس- وهو الراوى ما قال النبى فيها؟. وفى نفس الصفحة التى جاء فيها ذلك الحديث يروى البخاري حديثاً آخر ينهى فيه النبي عن الخلوة بالنساء، يقول الحديث “لا يخلونّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم” وذلك التناقض المقصود فى الصفحة الواحدة فى “صحيح البخارى” يدفع القارئ للاعتقاد بأن النبى كان ينهى عن الشىء ويفعله.. يقول للرجال “لا يخلون رجل بامرأة” ثم يخلو بامرأة يقول لها “والله إنكن لأحب النساء إلى هل نصدق أن النبى عليه السلام كان يفعل ذلك؟ نعوذ بالله…)انتهى الاقتباس حرف واحد فقط هو الذي غيره الكاتب هنا،لكنه حرف يغير المعنى كليا.. فنص حديث البخاري لم يقل “إنكن لأحب الناس إلي” (علما أن الكاتب لاحقا غير كلمة الناس إلى النساء في سياق تعليقه ليتماشى أكثر مع تهمة الغزل البخاري قال “إنكم لأحب الناس إلي”.. و ليس “إنكن”.. وبين إنكم وإنكن فرق كبير جدا.. فهو لم يكن يوجه حديثه إلى النسوة خاصة.. بل إلى الأنصار عموما، والكلام يحتوي على فرق كبير،خاصة أنه حشده بما شاهدنا من إيحاءات مثل (يمكن للقارئ أن يتخيل ما حدث في تلك الخلوة!).. والحقيقة هي أن الرسول انتحى بالمرأة جانباً وقال لها ما لا خلاف عليه ولا إشكال فيه من تفضيله للأنصار..(وفي طريق آخر للحديث عند البخاري أيضا كان مع المرأة أولادها الثلاث أي أنها لم تكن خلوة أصلا) ولم ير أحد أي إشكال في الأمر حتى جاءت هذه النماذج لتحاول هدم مكانته عليه الصلاة والسلام تحت شعار محاربة البخاري.. كما إن وضع الحديث في نفس الصفحة مع حديث النهي عن الخلوة كان كما هو واضح لتعليمنا كيف يمكن للاختلاط أن يكون شرعيا، أي أن الخلوة هنا كانت أمام الناس بحيث إن الناس يرون ما يحدث ويسمعون على الأقل صوت أحد المتحدثين..أو ان تكون برفقة صغار من طرف المرأة نفس التغيير أحدثه الكاتب عندما روى قصة الجونية وصورها كما لو كانت قصة اختطاف ومحاولة اغتصاب ..فلنحاول أولاً أن نقرأ القصة مجردة عن تعليقاته عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ – رضى الله عنه – قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – « اجْلِسُوا هَا هُنَا » . وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِىَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِى بَيْتٍ فِى نَخْلٍ فِى بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « هَبِى نَفْسَكِ لِى » . قَالَتْ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ . قَالَ فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ « قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ » . ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ « يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا وللحديث طريق آخر في البخاري أيضا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ – رضى الله عنه – قَالَ ذُكِرَ لِلنَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِىَّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِى أُجُمِ بَنِى سَاعِدَةَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – حَتَّى جَاءَهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا، فَلَمَّا كَلَّمَهَا النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ . فَقَالَ « قَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّى » . فَقَالُوا لَهَا أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا قَالَتْ لاَ . قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – جَاءَ لِيَخْطُبَكِ . قَالَتْ كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ . فَأَقْبَلَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَلَسَ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ « اسْقِنَا يَا سَهْلُ » . فَخَرَجْتُ لَهُمْ بِهَذَا الْقَدَحِ فَأَسْقَيْتُهُمْ فِيهِ، فَأَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذَلِكَ الْقَدَحَ فَشَرِبْنَا مِنْهُ . قَالَ ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لَهُ الرواية إذن عن امرأة ذكرت للرسول وجاء ليخطبها فامتنعت أو أنها خدعت فقيل لها أن تتعوذ منه (كما جاء في غير روايات البخاري) المهم أنها أظهرت تمنعا بغض النظر إن كان ذلك حقيقياً أو أنه كان تمنعاً “نسوياً”.. وأنه عليه الصلاة والسلام قد أكرمها وأرجعها إلى أهلها..(قيل إنها ظلت تلقط البعر وتردد أنا الشقية كيف تامل من يسميه أتباعه شيخ القرآنيين مع القصة؟ (..إذ يروى عن بعضهم حديثاً يقول “خرجنا مع النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى انطلقنا إلى حائط- أى بستان أو حديقة- يقال له الشوط، حتى انتهينا إلى حائطين فجلسنا بينهما فقال النبى: اجلسوا هاهنا، ودخل وقد أُتى بالجونية فأنزلت فى بيت نخل فى بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل ومعها دايتها حاضنة لها، فلما دخل عليها النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: هبى نفسك لى. قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة، فأهوى بيده عليها لتسكت فقالت: أعوذ بالله منك.. وبالتمعن فى هذه الرواية الزائفة نشهد رغبة محمومة ! من البخارى لاتهام النبى بأنه حاول اغتصاب ! امرأة أجنبية جىء له بها، وانها رفضته وشتمته باحتقار . فالراوى يجعل النبى يذهب عامداً إلى المكان المتفق عليه وينتظره أصحابه فى الخارج، والمرأة الضحية- واسمها الجونية- قد أحضروها له، ونفهم من القصة أنها مخطوفة جئ بها رغم أنفها. ويدخل النبى فى تلك الرواية المزعومة على تلك المرأة وقد جهزتها حاضنتها أو وصيفتها لذلك اللقاء المرتقب، والمرأة فى تلك الرواية المزعومة لم تكن تحل للنبى لذا يطلب منها أن تهب نفسها له بدون مقابل، وترفض المرأة ذلك بإباء وشمم قائلة “وهل تهب الملكة نفسه للسوقة؟” أى تسب النبى فى وجهه – بزعم البخارى – وبدلا من أن يغضب لهذه الاهانة يصر على أن ينال منها جنسيا ويقترب منها بيده فتتعوذ بالله منه، أى تجعله- فى تلك الرواية الباطلة- شيطاناً تستعيذ بالله منه.. ولكن ذلك البناء الدرامى لتلك القصة الوهمية البخارية ينهار فجأة أمام عقل القارئ الواعى.. إذا كان الراوي للقصة قد سجل على نفسه أنه انتظر النبي فى الخارج فكيف تمكن من إيراد الوصف التفصيلي والحوار الذي حدث فى خلوة بين الجدران؟؟ الشيء الوحيد الذي يريده شيخ القرآنيين أن ينهار هو كل ما يتعلق بسيرته وسنته عليه الصلاة والسلام.. حتى لو تطلب الأمر تحويل قصة الخطبة العادية إلى فلم جيمسبوندي تختطف فيه البطلة الحسناء.. قد تنهار هذه القصة إذا ما حاول القارئ أن يقرأ القصة الأصل في صحيح البخاري بمعزل عن تعليقات صاحبنا وقنابله الدخانية لكن هذا يتطلب أيضا قارئاً نفض عن نفسه الكسل وحاول تتبع القصة من مصادرها الأصلية وذلك رغم سهولته تقنيا في العصر الحالي إلا انه صار أصعب في عصر الثقافة الجاهزة وثقافة الوجبات السريعة.. وقد يزداد تعقيد الأمر عندما تخالط القارئ أهواء تزين له “ترك السنة” بكل التزامها التزوير في هذا القصة لم يقف عند شحنها وحشوها بالتعليقات فحسب، بل تجرأ أيضا على تغيير حرف واحد له دلالته، فقد قال “فأهوى بيده عليها لتسكت” والصحيح في رواية البخاري هو “لتسكن” أي ليهدئ روعها.. والفرق كبير بين اللفظتين.. فالإسكات هنا سينسجم مع قصة الاختطاف المزعوم بنية الاغتصاب.. كما لو أنه لا يريد أحدا أن يسمع صوت صراخها أثناء الواقعة.. بل إنه حذف عامدا لفظ ” يضع يده عليها” من جملة “ فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ” وذلك لكي يربطنا فقط بكلمة أهوى يده عليها، بما في ذلك من إيحاء بالتهديد هل يمكن لشيء أن يبرر ذلك الكذب كله؟ هل يمكن لأحد أن يقتنع مثلاً أنه استخدم طبعة للبخاري تحوي تلك الأخطاء؟ هل يعقل ذلك في عصر صار كل شيء في متناول الباحث في كبسة زر؟ وإذا فهم ذلك في الطبعة الأولى من الكتاب مثلا.. فهل يمكن فهمه في طبعة تلو أخرى؟ بل وفي موقعه الشخصي على الانترنت الذي يمكن تعديل الخطأ فيه بكبسة زر أيضاَ؟ .. ألا يوحي هذا الكذب أيضاً أن هؤلاء يعرفون فعلا أنهم مخطئون.. لِمَ تكذب إذا كنت مؤمناً بقضيتك؟ لم تضطر للافتراء على البخاري إن كنت مؤمناً أصلاً أن “القرآن وكفى”..ألا يمكن أن يكون “القرآن وكفى”-كما تدعي، إلا إذا كان البخاري قد كذب على النبي عليه الصلاة والسلام؟.. فإذا كان لم يكذب، بل كذبت أنت في نقلك لما قال.. ألا يعني هذا أن نظريتك كلها قائمة على الكذب؟؟ وستتهاوى عند أول تدقيق؟ كل ما ذكر في هذا الكتاب، الذي هو المصدر الأهم للقوم، هو من قبيل هذه الأكاذيب، إما تحريف للشرح أو استهوال لما هو طبيعي أو جرأة في تغيير الكلمات الإفك في نسف حادثة الإفك وإن تعجب من شيء فأعجب من إنكاره لقصة الإفك برمتها واتهامه البخاري بتلفيقها للنيل من سمعة السيدة عائشة.. كما لو أن القصة رويت عند البخاري فقط!.. (ألم نقل لكم إنه يحاول أن يجعل البخاري نسخة من سلمان رشدي؟).. تفسيره لآيات الإفك –بعد حذف قصة السيدة عائشة- فيه من الاضطراب ما يمكن أن يكون نموذجاً للكثير من التخبط الذي سيحدث فيما لو حذفت السنة.. فهو يقول مثلاً إن سورة النور كانت من أوائل ما أنزل في المدينة (كيف عرف؟! وهو مخطئ بكل الأحوال لكن على فرض أنه على صواب، كيف يمكن أن يعرف ذلك بغير الحديث السنة؟ يقول بالنص (فلا يزال حديث الإفك وصمة تطارد عائشة وتنسج الخيالات المريضة حولها أساطير وروايات، ووجد فيه بعض المستشرقين مجالاً للطعن في شرف عائشة وفى اتهام النبي بأنه اختلق الآيات ليبرئها، وهذه إحدى أفضال البخاري والمصدر الثاني علينا وعلى ديننا الحنيف ولا ريب أن بعض المهاجرات كان حالهن أشد بؤساً فقد تركن أزواجهن المشركين فراراً بدينهن، ولا ريب أيضاً أنهن كن يتلقين مساعدات من بعض مؤمنى الأنصار الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.. ولا ريب أن المنافقين وجدوا فرصتهم فى تشويه ذلك العمل النبيل بإشاعة قصص كاذبة عن علاقات آثمة بين أولئك المؤمنين والمؤمنات من المهاجرات والأنصار ويؤكد ذلك أن آيات سورة النور تتحدث عن اتهام جماعة من أهل المدينة لجماعة من المؤمنين الأبرياء، تتحدث عن جماعة ظالمة اتهمت جماعة بريئة، تتحدث عن مجموعة ولا تتحدث عن ضحية واحدة وإنما عن مجموعة من الضحايا البريئات) انتهى هكذا يقوم شيخ القرآنيين بالتضحية بالمجتمع برمته في سبيل الدفاع عن السيدة عائشة ضد افتراءات البخاري لكن لحظة واحدة لَم يفعل ذلك؟ من قال أصلاً أنه كان هناك السيدة عائشة أو حفصة أو أبو بكر أو عمر.. لم ترد هذه الأسماء أبداً في القرآن.. وهو لا يعترف بسند، تحت حجة القرآن وكفى.. فلماذا أصلاً يعترف بوجودهم ويدافع عن أي منهم ربما كان التاريخ كله كذبة من أكاذيب الرواة وأهل الحديث لعل هذه النتيجة التي يرومها هؤلاء؟ أن يُحذَف تاريخنا بكل ما فيه |