رحلة إلى وادي الجراح.... وادي سوات - 3
نتيجة العمليات الحربية الرهيبة الواسعة النطاق في وادي سوات.وفي حلقة اليوم نستعرض بعض صور المآسي التي تحدث في سوات,وكذلك نعرج على الوضع الإنساني المضطرب, وعلى بعض المعلومات عن الخلفية السياسية للتوترات وأعمال العنف الحالية فهيا بنا.فقد تسببت هجمات الجيش الباكستاني في محافظة الحدود الشمالية الغربية، في تدمير البساتين والحقول والمراعي، وتشريد عشرات الآلاف من المزارعين ودفعهم إلي هاوية الفقر. وتقدر خسائر المحاصيل بما يزيد علي مليار دولار. فقد أجبرت العمليات العسكرية ضد ميليشيات طالبان باكستان في مقاطعة مالاكند في محافظة الحدود الشمالية الغربية، والتي ركزت علي ستة أقاليم منها وادي ساوت، أجبرت ما يزيد عن ثلاثة ملايين من الأهالي المدنيين علي التشرد، في ما صنفته الأمم المتحدة علي أنه أكبر عملية نزوح منذ مذابح رواندا في التسعينات. وقدر المسئول الخسائر الناتجة عن هذه العمليات بما يتجاوز مليار دولار.ويقول أحد مراسلي بي بي سي:" إن أفواجا من النساء والأطفال وكبار السن غادرت المنطقة مشيًا على الأقدام أو على متن الحافلات أو في عربات الجر". وقال أحد السكان المحليين ويدعى رحمات علم ويبلغ من العمر 40 عاما ويعمل فنيا في مجال الطب إننا "غادرنا سوات ونحن لا نحمل معنا سوى ملابسنا وبعض الأمتعة القليلة الأخرى".وقدغادر علم مدينة مينجورا في رفقة 18 من أقاربه، مضيفا: "غادرنا وليس لنا سوى الله نعتمد عليه لأنه ليس هناك أحد يساعدنا". هذا وتقيم الحكومة مخيمات للاجئين في مدينة بيشاور وهي عاصمة إقليم الشمال الغربي من باكستان وفي منطقة نوشارا الواقعة في شمال شرقي بيشاور ولكن اللاجئيين يعيشون أوضاعًا لاإنسانية من نقص المأكل والمشرب والرعاية الصحية ناهيك عن المنظمات التنصيرية التي تعمل بين اللاجئين بزعم يد العون لهم وخاصة الأيتام الذين خلفتهم المعارك الدامية من أطفال المسلمين.يذكر أن الولايات المتحدة قصفت تلك الولاية الإسلامية ذات الأغلبية السنية ولا تزال تقصفها، وأن الكونغرس الأمريكي إعتمد تمديد المساعدات لباكستان لخمس سنوات، بملياري دولار كمساعدات عسكرية، وأربعة مليارات أخري كمعونات إقتصادية وطبعا ده أجر للجنود الباكستانيين الذي من المفترض أن يكونوا مسلمين لأجل قتل إخوانهم المسلمين في سوات وأشك أنهم تقاضوا الأجر! . كذلك فقد بدأ البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي بمشاركة الحكومة الباكستانية، في تقييم الخسائر التي لحقت بقطاع تربية الماشية في المناطق المتضررة بالعمليات العسكرية. وأبدت منظمة الأغذية والزراعة-وطبعًا كل هؤلاء عصابة تزرف دموع التماسيح على ما حدث في سوات- إستعدادها لتقديم المشورة الفنية للمزارعين المتضررين.وفي سوات يعدم الأطفال رميًا بالرصاص بلا رحمة, ويذبح الشيوخ والنساء,ويعذب ويقتل الشباب والرجال المدنيين الذين لا ناقة لهم ولا جمل فتلك الحرب البغيضة بحجة التعاون ومساعدة المجاهدين.وقد اتهمت منظمة حقوقية غربية الجيش الباكستاني بشن مجازر في صفوف العناصر المسلحة خلال العملية العسكرية التي قام بها الجيش العام الماضي ضد المتمردين في منطقة وادي سوات بإقليم خيبر بختونخواه الشمالي الغربي. حرب سوات مؤامرة صليبية يهودية أمريكيةفي 14/4/2009 وقع الرئيس الباكستاني على اتفاقية "تطبيق الشريعة" في منطقة وادي سوات، وهذه ليست المرة الأولى التي تبرم فيها الحكومة اتفاقية مع حركة " تحريك نفاذ الشريعة المحمدية"، فقد أبرمت الحكومة اتفاقيات مماثلة مع الحركة في عام 1994 وفي عام 1999 وعام 2007. وكما في كل مرة فإن الحكومة غير جادة في تنفيذ الاتفاقية وغايتها من ورائها حماية المصالح الأمريكية وليس أمرًا أخر. فالحكومة الباكستانية داعمة لسياسة أمريكا الجديدة ومنفذة لها، وهذا ما صرح به الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 27/3/2009، وهي في حقيقتها امتداد لسياسة سلفه جورج بوش الهادفة إلى إنجاح الاحتلال الأمريكي لأفغانستان وتسخير الجيش الباكستاني في المساعدة في تحقيق هذا الهدف.وقد جاء ذلك بالفعل على لسان رئيس أركان الجيش الأمريكي الذي حدد لإسلام أباد ما يأمرها به الغرب الصليبي اليهودي ، عندما أكد أن واجبها مطاردة الإسلاميين الجهاديين كافة ، وليس ملاحقة المتورطين في هجمات موباي !! فالتعاون المأمور به من الصليبيين وشركائهم الهنادك تحول فعليًا إلى الساحة الداخلية الباكستانية لإفقاد النظام فيها ما تبقى له من رمزية أمام مواطنيه ، تمهيدًا لتأجيج المشكلات الداخلية ، وصولًا إلى تفكيك باكستان إلى دويلات متناحرة ، خدمة للمصلحة الاستراتيجية المناوئة للإسلام والمسلمين . وهذا الهدف لم يعد في حاجة إلى عرض البراهين والحجج ، فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرًا مفصلًا ومزودًا بالخرائط عن مؤامرة تقسيم باكستان!!فأمريكا عملت على إرسال مزيد من القوات الأمريكية لأفغانستان للتصدي للمقاومة ضد الاحتلال البغيض، تلك المقاومة التي تصل ذروتها في فصل الصيف، كما أنها تريد أن تعوض عن تضاؤل قوات النيتو في جنوب أفغانستان. فتركيز الحكومة الباكستانية على الحدود الأفغانية الباكستانية، وتوقيع اتفاقية "تطبيق الشريعة" يقعان ضمن سياسة أمريكا في المنطقة ، كي تهدئ من الوضع في هذا الإقليم فتتفرغ الحكومة الباكستانية لتنظيم القوات المسلحة للقيام بعمليات عسكرية في منطقة القبائل. كما أن من أهداف توقيع الحكومة للاتفاق إضعاف المقاومة التي تواجه الاحتلال الأمريكي في أفغانستان، وذلك بإحداث الوقيعة والفرقة بين المقاومة في سوات وبين القاعدة في منطقة القبائل كما جاء على لسان السفير الباكستاني في واشنطن حينما ذكر أنهم يحاولون بث الفرقة بين القاعدة والمسلحين من جانب وبين القبليين في سوات الذين يطالبون بتطبيق القوانين التقليدية من جانب آخر، فتوقيع الحكومة للاتفاقية حركة سياسية وعسكرية مهمة كي تحرف انتباه عامة الناس عن المقاومة المسلحة، بل وتؤدي لعزلة المسلحين". واستفادة أمريكا من هذا الاتفاق ليست عسكرية فحسب، بل هي تريد أيضا إيجاد حالة خوف في باكستان. ففي مقابلة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون مع قناة فوكس في 25/4/2009 قالت فيها :" في أسوء الأحوال فإن أمورًا غير متوقعة ممكنة الحصول، وهذا سيزيد من التأييد لطالبان من قبل القاعدة ومتطرفين آخرين من العاملين للإطاحة بالحكومة، وهكذا قد يحوزون على مفاتيح السلاح النووي الباكستاني." وقبل هذا التصريح صرح هولبروك بالقول إن طالبان لا تريد أن تصبح باكستان متمدنة. فالمتمعن في هذه التصريحات الصادرة عن السياسيين الأمريكان وعملائهم الباكستانيين يتضح له أن المقصود من هذه الحملة الإعلامية ليس شخصًا أو حركة أو حزبًا، بل المسلمين كلهم، فأمريكا تعمل على بث مشاعر الخوف بين الناس من تطبيق الإسلام لتبعد مشاعر المسلمين الذين ضاقوا ذرعا بالنظام الديمقراطي الاستعماري الذي فرض عليهم عن الإسلام المتجذر في نفوس المسلمين. ولهذا فإن الحكومة الباكستانية منشغلة ببث الدعاية الإعلامية الشريرة الموجهة من الأمريكان، وهي في الحقيقة تستهدف الإسلام وشريعته بينما تستخدم كلمة "طالبان" كغطاء لحملتها على الإسلام. وما نشر الشريط المسجل الذي أظهر عملية جلد امرأة في منطقة سوات إلا مثال على ذلك، فلم يدر الحديث حول الشريط من زاوية تحت أي سلطة أو قانون حصلت تلك الحادثة بل كان التركيز على العقوبة نفسها مما حدا بسياسيي الحكومة وأحزاب المعارضة ومن ضمنها حزب الرابطة الإسلامي جناح "نواز شريف" وصف العقوبة بأنها رجعية وبربرية ووحشية وهمجية! فكانت هذه الحملة كحملة قانون "حقوق النساء" التي أعطت انطباعا أن قوانين الإسلام فاقدة الصلاحية ولا تتفق مع مستجدات العصر! وفي الحقيقة فان أمريكا قامت بحملات ثقافية عقدية عديدة ضد الإسلام فيما اسمته "الحرب من داخل الإسلام". فأمريكا تعلم بأنها إن انتقدت الإسلام بنفسها فإن هذا الانتقاد يقرب الناس من الإسلام بدلا من إبعادهم عنه، لذلك فان أمريكا تقوم بهذه الحرب العقدية مستخدمة المضبوعين من المسلمين بحضارتها كي تضعف ثقة المسلمين بدينهم وتثنيهم عن المطالبة بتطبيق الإسلام.وهذا ما تؤكده أحداث وادي سوات في باكستان ، حيث أن الظاهر أنها معركة داخلية إلا أن المتابع للتطورات التي تحيط بها يلمس أنها حرب أمريكية جديدة وفي دولة إسلامية أيضا.ويبدو أن دوامة العنف المسلح مستمرة في باكستان،بل من الصعب احتواءها في ظل استمرار الأزمات التي تشهدها المنطقة بداية من كشمير إلى أفغانستان وآسيا الوسطى والشرق الأوسط. وأخيرًا- رغم أننا لا نرى لم يحدث للمسلمين في سوات خاصة وفي مختلف أنحاء العالم عامة نهاية حتى الآن- فعلى وادي سوات أو"وادي الجنان" ومثيلاتها تسكب العبرات لمن ليس لديه حيلة,لا أدري ما هذا الصمت القاتل تجاه ما يحصل في الوادي ؟ ! هل الذي يسقطون في وادي سوات كفار ) ؟
|