رحلة إلى وادي الجراح.........وادي سوات -1
عن العاصمة الباكستانية إسلام أباد,كما يعتبر جميع سكان هذه المنطقة مسلمين,مع أكثرية من السنة وأقلية من الشيعة,كما أن غالبهم من البشتون بالإضافة إلى أقليات أخرى,لذلك فاللغة السائدة في هذه المنطقة هي البشتونية. يحيط بهذا الوادي الجبال الشاهقة، والسهول الخضراء، والبحيرات التي تتميز بصفاء مياهها. تعد هذه المقاطعة من مناطق الجمال الطبيعي الخلابة، ومقصد للسياح حتى عهد قريب. وكانت تسمى باسم "ولاية سوات" حتى تم نزع اللقب منها عام 1969م . ويطلق أحيانًا على هذه المقاطعة لقب سويسرا باكستان بسبب تشابه جغرافيتها مع جغرافية سويسرا. هذا وتعتبر سرحد أو پخنونخوا وطن الپشتونيين والهندكوه والأفغانيين الذين يتكلمون بالپشتو أو الهندكوي أو فارسي (دري).كما تعد باختونخوا خيبر والتي تبلغ مساحتها حوالي 74.521كم2 ويبلغ إجمالي تعداد سكانها 22 مليون نسمة واحدة من الأماكن الأكثر أسطورية على الأرض، ويمكن القول بأن هذا الإقليم من الأقاليم الأكثر تنوعًا عرقيًا،و الأكثر تفاوت في التضاريس .كما أنها تعتبر بوابة لشبه القارة منذ عصر إيميموريال،وكانت صعوبة تضاريسها ووعورة جبالها سببًا في أن تكون عالم للبسالة ولتفريخ رجال القبائل الأبطال. وحتى الآن قدم هؤلاء الرجال البواسل والنساء اللواتي يقفن خلفن حدود سيل من العطايا من الكفاح والتضحية لدعم حركة استقلال وسيادة باكستان. وقد شهدت موجات من الهجرات لمختلف الشعوب،و كذلك لحملات الغزاة،و تدفق عدد لا يحصى من قوافل التجارة من الشمال في الوديان الخصبة، ومن ثم إلى سهول البنجاب وما بعدها في السند بجنوب آسيا, وقد كان لذلك دور فعال في انتشار الآراء الفكرية والمفاهيم والمعتقدات كالبوذية ثم جاء الإسلام واكتسح المنطقة بطريقة فريدة من نوعها كما سيأتي ذكره فيما بعد.وعلى مر العصور تركت قبائل بختان أفريدي، في بانجاش، دوراني، خطاك، محسود ، أوراكزاي، توري، الوزير ويوسفزاي، بصمات لا تمحى على صفحات التاريخ.وربما شهد هذاالإقليم الأبي العديد من الغزوات على مر التاريخ أكثر من أي منطقة أخرى في العالم.وقد اجتمع أشد خصومهم من الغزاة على الحدود حيث كانوا يستخدمون ممر خيبر عبر ذلك الوادي. نبذة تاريخية:يعود تاريخ هذه المنطقة التابعة لباكستان والتي شملتها كافة الأحداث التاريخية التي مرت بباكستان إلى 2500 سنة قبل الميلاد حيث قامت حضارة مزدهرة حول وادي نهر السند، تعاقب على حكم هذه المنطقة الفرس والاسكندر المقدوني وأقوام من أواسط آسيا حتى العام 711 م- 93 هـ حيث أبحر المسلمون العرب عبر بحر العرب وقاموا بفتح إقليم السند حيث نشروا الدين الإسلامي في هذا الإقليم. وبحلول عام 391 هـ، 1000م فتح المسلمون الأتراك منطقة شمال الباكستان انطلاقـًا من إيران.هذا وقد أسس محمود الغزنوي فاتح هذه المنطقة مملكة إسلامية شمل نفوذها في بعض المراحل إقليم وادي نهر السند بأكمله. وقد أصبحت لاهور عاصمة لهذه المملكة، ثم نمت وتطورت بعد ذلك لتصبح مركزًا رئيسا من مراكز الثقافة الإسلامية في شبه القارة الهندية. وقد أصبحت معظم الأنحاء التي تعرف اليوم باسم باكستان،جزءًا من سلطنة دهلي عام 603هـ، 1206م، وهي إمبراطورية إسلامية كانت تضم شمالي الهند. وقد استمرت سلطنة دهلي قائمة حتى عام 933هـ، 1526م، أي إلى حين ظهور بابار، وهو حاكم إسلامي من أفغانستان قام بغزو الهند وتأسيس الإمبراطورية المغولية. كانت إمبراطورية المغول تضم جميع الأنحاء التي تكوّن كلًا من باكستان وشمال وووسط الهند وبنغلادش اليوم، وقد نمت خلال فترة حكم المغول ثقافة تجمع بين عناصر من الشرق الأوسط وأخرى هندية. تضم هذه الثقافة لغة جديدة هي اللغة الأردية التي تأثرت باللغتين الهندية والفارسية. وقد كانت هذه اللغة تحمل في طياتها ديانة جديدة هي ديانة السيخ التي تعاظم نفوذها في هذه الفترة فأصبح لها عددًا من الأماكن المقدسة في إقليم البنجاب الباكستاني رغم أنه ذو كثافة عالية من المسلمين. بدأت المنافسة تحتدم بين التجار الأوروبيين ابتداءً من القرن السادس عشر الميلادي، وذلك من أجل بسط السيطرة على النشاط التجاري الذي كان يقوم بين أوروبا وجزر الهند الشرقيةوقد كان ذلك عبر ممر خيبر الذي يمر عبر وادي سوات. وقد أنشأت العديد من الشركات التجارية المجمعات السكنية في الهند – والتي أصبحت فيما بعد ثكنات عسكرية تهاجم المدن والبلدات الهندية وتستبيحها -، وذلك بالتعاون مع أباطرة المغول حتى بسطت نفوذها وتم لها السيطرة على المزيد من شبه القارة الهندية وكان ذلك في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي. وفي عام 1740م بدأت إمبراطورية المغول في التفكك والانهيار، كما أن شركة الهند الشرقية – من خلال ذراعها العسكري - قد خاضت سلسلة من المعارك والمواجهات في كل من البنجاب والسند، وذلك خلال الأربعينيات من القرن التاسع عشر، ومن ثم استطاعت أن تضم هذه الأنحاء إلى مجموعة ممتلكاتها. في العام 1858 م قامت الحكومة البريطانية بالاستيلاء على شركة الهند الشرقية، ومنذ ذلك الحين أصبحت جميع الأراضي التي كانت تمتلكها شركة الهند الشرقية تعرف باسم الهند البريطانية أي أنّها تحت حكم التاج البريطاني وليس حكم شركة تجارية بريطانية فحسب، وتنوعت آلية الحكم البريطاني بين منطقة وأخرى فهناك بعض المناطق التي حُكمت حكمًا مباشرًا وهي في الغالب مناطق المسلمين بالإضافة إلى سيريلانكا وهناك مناطق تولى حكمها زعماء محليون أو ما يسمى المهراجا ،بعضهم مسلمون ولكن غالبيتهم من الهندوس، مع تبعيتهم وولائهم للتاج البريطاني وقد كانت منطقة وادي سوات ذات الغالبية المسلمة من تلك المناطق التي وقعت في براثن التاج البريطاني. قامت بريطانيا بإحداث العديد من المدارس والجامعات بنظم تعليمية تغريبية التحق بها أعداد كبيرة من الهندوس بينما قاطعها غالبية المسلمين الذين بقوا يذهبون إلى مدارسهم الخاصة حيث اقتصر التعليم فيها على مبادئ الدين الإسلامي ومبادئ الحساب مما أدى إلى فجوة ثقافية كبيرة بين الهندوس والمسلمين وبالتالي سيطرة الهندوس على العديد من المواقع الهامّة في مديريات الدولة المختلفة، هنا ظهر العديد من المصلحين الإسلاميين الذين تنادوا لإصلاح وضع المسلمين وزيادة الوعي والعلم لديهم كخطوة أولى نحو التحرر والاستقلال.وقد ذكرنا من قبل أن أشاوس هذه المنطقة كانوا ممن له السبق في الكفاح والجهاد من أجل استقلال وسيادة باكستان المسلمة.إلى هنا نتوقف مع وعد بلقاء جديد إن شاء الله في الحلقة القادمة لنسنتكمل رحلتنا في وادي الجنان......أقصد الجراح فإلى الملتقى
|