رحلة إلى وادي الجراح.........وادي سوات -2
وقد علمنا من قبل أن تعداد السكان في وادي سوات يبلغ حوالي مليون ونصف المليون نسمة معظمهم من البشتون ويتحدثون لغة البشتو، مع وجود أقليات أخرى أهمها النورستانية وتتحدث لغة تروالي ولغة كلامي.كما تمثل المنطقة ثلاثة مقاعد في الجمعية الوطنية وسبعة مقاعد في الجمعية الإقليمية.وفي انتخابات عام 2002 م تمكن الإسلاميون بقيادة مجلس العمل المتحد من الحصول على كافة المقاعد في الجمعية الوطنية في المركز والجمعية الإقليمية في إقليم الحدود الشمالية الغربية.ولكنهم عادوا وهزموا بانتخابات 18 فبراير عام 2008 م التي فاز بها حزب عوامي الوطني وحزب الشعب الباكستاني.وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001م والهجوم الأمريكي على أفغانستان في 7 أكتوبر من نفس العام كان مولوي صوفي محمد، الوحيد الذي أرسل متطوعين للقتال مع طالبان. وقيل إنه أرسل 10 آلاف مقاتل، قتلت الطائرات الأمريكية معظمهم قبل الوصول إلى العاصمة كابول. ونتيجة لذلك قررت الحكومة الباكستانية بالتعاون مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية حظر حركة تنفيذ الشريعة المحمدية وتصنيفها بأنها منظمة إرهابية في عام 2002 م.وقد بدأت مأساة وادي سوات منذ عام 1995 طالب صوفي محمد خان زعيم حركة تطبيق الشريعة المحمدية في وادي سوات بفرض أحكام الشريعة الإسلامية في المنطقة. وتلى ذلك أعمال عنف بعدما شنت قوات حرس الحدود عملية عسكرية ضد خان، أدت إلى مقتل 13 مسلحا، وتسببت في إعاقة حركة السياحة التي تمثل مصدرا رئيسيا للدخل. بعد هذه العملية العسكرية، وافقت حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي على تطبيق أحكام الشريعة في مقاطعة ملاكند بمنطقة سوات. وقد تم جزئيا تلبية المطلب الرئيسي لحركة تطبيق الشريعة المحمدية والمتمثل في استبدال المحاكم العادية بمحاكم إسلامية، إلا أن الجدل حول اتفاقية السلام أدى إلى اندلاع أعمال عنف متفرقة. وفي عام 2001م، قام صوفي محمد خان بجمع قوة قوامها حوالي 10 آلاف مقاتل من سوات ومناطق القبائل للقتال ضد القوات الأمريكية التي كانت تجتاح أفغانستان. وقد لقي ما يقرب من ثلاثة آلاف مقاتل من رجال خان مصرعهم بينما تم سجن الآخرين في أفغانستان أو إرجاعهم إلى باكستان بما في ذلك صوفي محمد خان نفسه الذي تم سجنه هناك. وقد قامت الحكومة الباكستانية بحظر حركة تطبيق الشريعة المحمدية. وفي عام 2002م, قام مولانا فضل الله، صهر صوفي محمد خان بتكثيف جهوده لمحاولة تطبيق الشريعة الإسلامية.إلا أنه لم يتمكن من ذلك وعليه ففي يناير عام 2003م، بدأت أحداث العنف في سوات تشهد تزايدًا كبيرًا حتى عام 2007م حيث اشتد القتال في سوات في أعقاب قيام الجيش الباكستاني بعملية عسكرية ضد مسجد لال في إسلام آباد- الذي كانت الحكومة تتهم قياداته الدينية بإيواء "إرهابيين"-. وفي شهر يوليو 2007م في أعقاب حادث المسجد قرر الرئيس الباكستاني برويز مشرف الموافقة على خطة نشر قوات الجيش في سوات لسحق حركة التمرد المسلح المتنامية بزعمه وطبعًا بمباركة ودعم أمريكا راعية إرهاب المسلمين في العالم، وأعلن تمركز هذه القوات في سوات. وهكذا استمر القتال واتسعت دائرة العنف حتى نوفمبر 2007م حيث قام الجيش الباكستاني بتكثيف لعملياته في سوات، وقيام الطائرات المروحية الحربية بدك القرى، وهرب الآلاف من الوادي، وورود تقارير متضاربة عن الضحايا والخوف من تعرض العشرات للقتل. وظلت المعارك دائرة بين مجاهدي سوات والجيش الباكستاني بنفس الوتيرة حتى يناير 2008م حتى قامت حكومة الإقليم الشمالي الغربي الحدودي في أبريل 2008 م بتدشين لعملية سلام على حد قولها وذلك بتكوين لجنة لبدء الحوار مع مختلف المجموعات المسلحة، بالإضافة إلى دخول قادة المسلحين بما فيهم فضل الله من جديد إلى سوات،وإطلاق سراح مولانا صوفي محمد خان زعيم حركة تطبيق الشريعة المحمدية. وفي مايو 2008م وقع مسلحو طالبان العاملين تحت قيادة فضل الله لاتفاقية سلام من 16 بند مع حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي وموافقتهم على تسريح ميليشياتهم، بالإضافة إلى قيامهم بإيقاف الهجمات على القوات الأمنية والمباني الحكومية وفي المقابل تلتزم الحكومة بوقف عملياتها العسكرية في الوادي. ثم عاد القتال من جديد في يونية 2008م حيث نكصت الحكومة بعهدها ولم تلتزم ببنود اتفاقية السلام المزعومة,واشتد وطيس المعارك تحت مرأى ومسمع من العالم أجمع وبرعاية ومساعدة الحكومة الأمريكية وقواتها المسلحة, وقام الجيش الباكستاني بنقل دبابات ومدفعية ثقيلة وطائرات مروحية إلى سوات. وهكذا ظلت أسلحة وقذائف القوات الباكستانية تقصف بلا هوادة لاتفرق بين مسلحين ومدنيين وصرح نشطاء لحقوق الإنسان بفرار حوالي 60% من سكان سوات الباكستاني البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة- وطبعًا هذا التعداد غير دقيق حيث أن تعداد سكان وادي السوات المسلمين يفوف ذلك بكثير-، بالإضافة إلى تقارير عن تعرض آلاف المنازل للضرر و150 مدرسة للتدمير.ومع كل ذلك فقد أشارت تقاير صحفية إلى نجاح المجاهدين في السيطرة على قرابة 75%من سوات وقد تم لهم ذلك في ديسمبر 2008م. وفي يناير 2009م أعلنت القوات الباكستانية عن انتهاج استراتيجية جديدة في القتال,وفي فبراير لنفس العام تجدد القتال ضد المجاهدين مع استمرار ذلك القتال الشرس وفرار المزيد من الناس.16 فبراير 2009م قال أمير حوتي رئيس وزراء حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي:" أنه قد تم التوقيع على وثيقة تسمح بتطبيق الشريعة الإسلامية في بعض المقاطعات الحدودية بالشمال الغربي، التي تضم منطقة وادي سوات. وهذا يعني أن هذه المنطقة ستتمتع بنظام قضائي منفصل عن باقي أجزاء البلاد. وقد ردت حركة طالبان على ذلك بإعلان هدنة لمدة عشرة أيام وقالت أنها ستنظر في هذه الوثيقة قبل إنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم" ما كانت هذه الوثيقة إلا خدعة حتى تتمكن القوات الباكستانية وحليفتها الأمريكية من إعادة ترتيب صفوفهم وزيادة استعداداتهم" .ولم تدم هذه الهدنة طويلًا وما لبث سلاح الجو الباكستاني أن عاود قصف اهدافًا عسكرية في وادي سوات حيث دخل الجنود بلدات استراتيجية في محاولة للسيطرة على عاصمة الوادي.وتسبب الهجوم الذي شن في ثلاثة اقاليم هي دير السفلى وبونر ووادي سوات بنزوح أكثر من مليوني شخص، بحسب المفوضية العليا للاجئين.وجدد رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني دعوته طالبان الى تسليم سلاحها في اطار الحرب التي شنها الجيش للقضاء على المقاتلين الاسلاميين المتطرفين "الذين يهددون سيادة الدولة". واْعلن خلال مؤتمر في اسلام اْباد ضم جميع الاحزاب، اْن العملية ضد الإرهابيين تتقدم بنجاح معتبرًا انها ستضمن الحماية والأمن للأجيال المقبلة, وقد أعلنت القوات الباكستانية اْن حوالى 15 الف جندي يواجهون اْربعة آلاف مسلح في سوات بعد أن أمرت إسلام أباد بشن هجوم للقضاء على المسلحين الإسلاميين الذين وصفتهم واشنطن بالتهديد الأخطر على الغرب -وهذا طبعًا لب ما يحدث- .ثم عاودت الطائرات الحربية والمروحيات قصف مخابىء المجاهدين وخطوط الإمدادات في الوادي الذي كان معلما سياحيا قبل أن تدمره القوات الباكستانية محاولة إبادة المجاهدين ومنع تطبيق الشريعة الإسلامية خوفًا من أن تعم كافة أرجاء البلاد ويشعع نرها فيعمي أعين الحقد الصليبي الأمريكي على يجسم على صدر تلك المنطقة وغيرها من دول العالم الإسلامي التي تعلي راية الجهاد من أجل إعلاء كلمة الله . هذا التحرك من قبل الجيش الباكستاني يعد تحركًا كبيرًا وان لم يكن إجهادًا للجيش واستنزاف للقوى العسكرية الباكستنية فإنه بلا شك سيضعف موقف باكستان في المنطقة .. وكل هذا لا يصب الا في مصلحة أعداء الإسلام في الشرق والغرب.وهكذا مازال الوضع على ما هو عليه حتى وقتنا هذا,حيث إنّ الحرب الدائرة في وادي سوات تستهدف حوالي أربعين مليونًا من البشر على جانبي الوادي، في باكستان وأفغانستان، سوف يشملهم القتل والدمار في حرب تبدو طويلة ومفتوحة لا يعلم نهايتها إلا الله سبحانه وتعالى.إلى هنا نتوقف حيث اللقاء في حلقة قامة إن شاء الله
|