اسمه و لقبه
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى ، يجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي ، فهو قرشي من بني عدي . وكنيته أبو حفص ، والحفص هو شبل الأسد ، كناه به النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر. ولقبه الفاروق ، لقبه بذلك النبي صلى الله عليه وسلم يوم إسلامه ، فاعز الله به الإسلام ، وفرق بين الحق والباطل صفته و بيئته نشأ في مكة عاصمة العرب الدينية ، من بيت عرف بالقوة والشدة ، كما كانت إليه السفارة في الجاهلية ، إذا وقعت بين قريش وبين غيرها حرب ، بعثته سفيرا يتكلم باسمها، وإن نافرهم منافر، أو فاخرهم مفاخر، بعثوا به منافراً عنهم ، ومفاخراً بهم . وكان طويلا بائن الطول ، إذا مشى بين الناس أشرف عليهم كأنه راكب، أسمر، مشربا بحمرة ، حسن الوجه ، غليظ القدمين والكفين ، أصلع خفيف العارضين ، جلداً شديد الخلق ، ضخم الجثة ، قوي البنية ، جهوري الصوت . قالت فيه الشفاء بنت عبد الله: كان عمر إذا تكلم أسمع ، وإذا مشى أسرع ، وإذا ضرب أوجع ، وهو الناسك حقا جاهليته كان من أنبه فتيان قريش وأشدهم شكيمة ، شارك فيما كانوا يتصفون به من لهو وعبادة . فشرب الخمر ، وعبد الأوثان واشتد بالأذى على المسلمين في سنوات الدعوة الأولى ، وكان يعرف القراءة والكتابة إسلامه كان عمره يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين سنة ، أو بضعا وعشرين سنة ، على اختلاف الروايات . وقد أسلم في السنة السادسة من البعثة ، في قصة مشهورة في السيرة النبوية . ومنذ أسلم انقلبت شدته على المسلمين إلى شدة على الكافرين ، ومناوأة لهم ، فأوذي وضرب ، وقد سبقه إلى الإسلام تسعة وثلاثون صحابيا فكان هو متمما للأربعين ، وقد استجاب الله به دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم إذ قال: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك : أبي جهل بن هشام أو عمر بن الخطاب" رواه الترمذي فكان إسلامه دون أبي جهل ، دليلاً على محبة الله له، وكرامته عنده صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم كان في صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم مثال المؤمن الواثق بربه ، المطيع لنبيه ، الشديد على أعداء الإسلام ، القوي في الحق ، المتمسك بما أنزل الله من أحكام . شهد المعارك كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بما يدل على عظيم منزلته عنده ، وبلائه في الإسلام . ومما ورد فيه قوله : " إن الله جعل الحق على لسان عمر و قلبه، و فرق الله به بين الحق والباطل" رواه الترمذي وكان ذا رأي سديد ، وعقل كبير ، وافق القران في ثلاث مسائل قبل أن ينزل فيها الوحي كان من رأيه تحريم الخمر فنزل تحريمها بقوله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وكان من رأيه عدم قبول الفداء من أسرى بدر، فنزل القرآن مؤيدا رأيه، كما أشار على النبي باتخاذ الحجاب على زوجاته أمهات المؤمنين فنزل القرآن بذلك. ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جزع لذلك جزعا شديداً ، حتى زعم أن رسول الله لم يمت ، وأنه ذهب يناجي ربه ، وسيعود إلى الناس مرة أخرى ، وأعلن أنه سيضرب كل من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات وهكذا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمثل الشدة على أعداء الله من مشركين ومنافقين ، وكان إذا رأى أحداً أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل، قال لرسول الله: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق.. وقد شهد له رسول الله بالجنة، وهو أحد العشرة المبشرين بها، و حسبه شرفاً ومكانة عند الله أن رسول الله توفي وهو عنه راض في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان عمر رضي الله عنه في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وزير صدق ، ومساعد خير، به جمع الله القلوب على مبايعة أبي بكر يوم اختلف الصحابة في سقيفة بني ساعده، و كان إلهاما موفقا من الله أن بادر عمر إلى مبايعة أبي بكر، فبادر الأنصار والمهاجرون بعد ذلك إلى البيعة . ولقد كان أبو بكر أجدر الصحابة بملء هذا المكان الخطير ، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل لقد علم الصحابة جميعا ، أن الرسول حين استخلف أبا بكر على الصلاة إنما أشار بذلك إلى أهليته للخلافة العامة ، ولكن فضل عمر في مبايعة أبي بكر إنما كان في حسم مادة الخلاف الذي كاد يودي بوحدة المسلمين ، ويقضي على دولة الإسلام الناشئة وكانت شدة عمر في حياة النبي عليه السلام ، هي في حياة أبي بكر ... فأبو بكر كان رجلا حليماً تملأ الرحمة برديه ، ويغلب الوقار والعفو على صفاته كلها ، فكان لا بد من رجل قوي الشكيمة كعمر ، يمزج حلم أبي بكر بقوة الدولة، وهيبة السلطان... فكان عمر هو الذي قام هذا المقام ، واحتل تلك المنزلة ، ولذلك كان أبو بكر يأخذ برأيه، و يعمل بقوله . أمر أبو بكر يوما بأمر فلم ينفذه عمر، فجاءوا يقولون لأبي بكر: والله ما ندري: الخليفة أنت أم عمر؟ فقال أبو بكر : هو إن شاء و تلك لعمري نفحة من نفحات العظمة الإسلامية التي أرادها الله بشير خير للمسلمين و للعالم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم … عمر يقول لأبي بكر يوم السقيفة: أنت أفضل مني ، وأبو بكر يجيبه بقوله: و لكنك أقوى مني . . فيقول عمر لأبي بكر: إن قوتي مع فضلك .. و بذلك تعاونت العظمتان في بناء صرح الدولة الإسلامية الخالد... فضل أبي بكر وحلمه وعقله وحزمه ، مع قوة عمر وباسه وشدته وهيبته عمر في الخلافة ويتولى عمر الخلافة ، وهي أشد ما تكون حاجة إلى رجل مثله ، المسلمون يشتبكون في حروب طاحنة مع فارس والروم ، والبلاد الإسلامية التي فتحت تحتاج إلى ولاة أتقياء أذكياء ، يسيرون في الرعية سيرة عمر في حزمه وعفته وعبقريته في التشريع والإدارة ، والعرب الفاتحون قد أقبلت عليهم الدنيا فهم منها على خطر عظيم ، أن يركنوا إليها ، ويملوا حياة الجهاد والكفاح ، و يعبوا من لذائذها وزينتها وترفها تولى عمر الخلافة فسجل أروع الآثار في تاريخ ا لإسلام: ** أتم ما بدأ به أبو بكر من حرب فارس والروم فانتهت باستيلاء المسلمين على مصر والشام والعراق ومملكة فارس ** نظم جهاز الدولة ، فدون الدواوين ، وفرض الأعطيات ، و جبى خراج الأراضي المفتوحة بأعدل طريق، وأقوم سياسة ، وواجه حاجات الدولة الإسلامية في الأنظمة والقوانين ، بأعظم عبقرية تشريعية عرفها تاريخ الإسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ** حكم البلاد المفتوحة بيد تجمع بين القوة والرحمة ، وبين الرفق والحزم ، وبين العدل والتسامح ، فكان حكم عمر مضرب الأمثال في ذلك ، في تواريخ الأمم كلها ، وقل أن عرفت الإنسانية حاكما مثله خلده التاريخ بعدله ورحمته أبرز نواحي عظمته الدفاع عن العقيدة فلقد كان عمر شديد الوطأة على المسلمين حين كان يعتقد بطلان دينهم ، وأنهم مرتدون عن عقيدته وعقيدة العرب يومئذ ، فما كان يترك وسيلة للدفاع عن عقيدته الوثنية ، وإيذاء المسلمين في دينهم الجديد إلا سلكها، حتى إذا أسلم عمر، بدا في حماسة لعقيدته الجديدة ، أشد مما بدا فيه في الدفاع عن عقيدته الموروثة ، وقف بعد إسلامه على رؤوس قريش ، وهم بفناء الكعبة ، ثم أعلن بصوته الجهوري أنه قد صبا عن دينه القديم إلى الإسلام وكان المسلمون يُستخفون في إسلامهم - فسار إليه الناس يضربونه ويضربهم ، حتى قام إليه خاله أبو جهل ، فأجاره ، فانكشف الناس عنه . ولكنه رأى المسلمين يضربون فقال : ألا يعيبني ما يصيب المسلمين ؟ ثم جاء إلى خاله ، فرد عليه جواره ، فعاد الناس إليه يضربونه ويضربهم ، حتى أعز الله الإسلام شدته في الحق لم يكن يرى في سلوك طريق الحق هوادة ولا ليناً ، ولا يرى أن يجامل في سبيله صديقا ولا قريبا كان رأيه في أسرى بدر أن تقطع رقابهم ، وهم أشراف قريش و زعماؤها، لما كان يرى في ذلك من إرهاب الشرك وأهله ، وعقوبة أعداء الله وأعداء رسوله ولم يرض يوم صلح الحديبية بالشروط التي وافق عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ورأى فيها مهانة للمسلمين وضعفاً ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل! قال: "بلى" قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: "بلى" قال: فعلام نعطى الدنية في ديننا ؟ أنرجع ولمَّـا يحكم الله بيننا وبينهم؟ قال الرسول: "يا ابن الخطاب! إني رسول الله ، ولن يضيعني الله أبدا ". فانطلق عمر إلى أبي بكر، فقال له مثل ما قال للرسول صلى الله عليه وسلم ، فأجابه أبو بكر بمثل ما أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم وغضب مما فعل خالد بن الوليد ، حين تزوج امرأة مالك بن نويرة في حروب الردة ، وأوقع في قومه القتل، مع إعلانهم أنهم على الإسلام، وما زال يحرض أبا بكر على الاقتصاص من خالد وعقوبته ، حتى أسكته أبو بكر بقوله: اكفف لسانك عنه يا عمر، تأوَّل خالد فأخطأ، و إني لن أغمد سيفا سنه الله على المشركين خضوعه للقيادة ومع ما كان عليه من الشدة فيما يعتقد أنه حق ، فلقد كان شديد الخضوع للقيادة حين تحزم أمرها ، ولو كان مخالفاً لرأي عمر . ومع ما رأيتموه في موقف عمر يوم صلح الحديبية من شدة وغضب ، فلقد خضع أخيرا لقائده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو رضي بما رضي ... و قولوا مثل ذلك في موقفه من خالد ، فما هو إلا أن رأى أبا بكر يعذر خالداً فيما صنع، حتى كف عنه لسانه وسكت. وها نحن أولاء نراه يجادل أبا بكر في حرب المرتدين ، هو يرى أن لا يحاربهم المسلمون ، وأبو بكر يرى وجوب محاربتهم ، فلما رأى عمر تصميم قائده أبي بكر على القتال ، كان أول من أطاع ولبى الرحمة بالشعب ومع هذه الشدة التي رأيتموها من عمر في الحق ، كانت له رحمة بالشعب ، من ضعفاء ، وفقراء ، وعطف على الرعية ، قل أن نجد له مثيلا في التاريخ . ولما خاف المسلمون من أن يشتد عليهم في ولايته ، خطب فيهم فكان مما قاله : اعلموا أن تلك الشدة قد أضعفت ، ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين ، فأما أهل السلامة والدين والقصد ، فأنا ألين لهم من بعضهم لبعض ، ولست أدع أحدا يظلم أحدا أو يتعدى عليه ، حتى أضع خده على الأرض ، وأضع قدمي على الخد الآخر حتى يذعن بالحق ، وإني بعد شدتي تلك أضع خدي على الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف تلك هي رحمة عمر، رحمة القوي الحازم العادل ، بمن يستحق الرحمة ، رحمة الحاكم الناصح لأمته ودينه ، وبذلك كان يعُس في الليل والناس نيام ، يتفقد المنقطعين والمعوزين والبائسين .. و قصته معروفة مع المرأة التي كانت تدق لأطفالها الجياع على الحصى ، وتوهمهم أنها تطبخ لهم ، حتى يسكتوا ويناموا ... حتى إذا جاء عمر ورأى ما رأى حمل بنفسه الطحين والسمن ، وطبخ بيده الطعام ، وأطعم الأولاد حتى شبعوا ولعبوا ... ولعل أروع مآثر عمر في الرحمة بالشعب ، موقفه عام الرمادة ، وقد كان ذلك في سنة 18هـ ، إذ أصاب الناس في الحجاز قحط عظيم دام تسعة أشهر ، حتى كانت الوحوش تأوي إلى الناس ، وكان الناس يحفرون نفق اليرابيع والجرذان ، ليأكلوا ما فيها من حشرات ، واستغاث عمر بولاة الأمصار أن يمدوه بالميرة والطعام ، ففعلوا ، وكانت سنة أصاب عمر من همها وبلائها وحزنها ما نحل معه جسمه ، واسود لونه ، حتى قالوا: لو لم يرفع الله المحل و عام الرمادة، لظننا أن عمر يموت هماً بأمر المسلمين ولقد كان يؤتى إليه من الأمصار بقوافل الطحين والسمن واللحوم ، فيفرقها على المسلمين ، ما يأكل منها شيئاً ، و إنما كان يأكل الزيت و الخبز الأسود، وكان يقول: لقد آليت على نفسي ألا آكل السمن واللحم حتى يشبع منهما المسلمون جميعاً يقظته في إدارة الدولة كان عمر شديد المراقبة لعماله، دقيق الاختيار لولاة الأمصار، وكانت الكفاءة عنده هي أساس تولية العمل ، من غير نظر إلى شيء آخر من عبادة أو زهد ، كان يقول : أريد رجلاً ، إذا كان في القوم وليس أميرهم ، كان كأنه أميرهم ، وإذا كان أميرهم ، كان كأنه رجل منهم ، كان يستعمل رجالا مثل عمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبي سفيان ، والمغيرة بن شعبة ، ويدع من هو أفضل منهم مثل عثمان وعلي وطلحة والزبير؟ لأن أولئك كانوا أقدر على العمل، و أحسن قياما به ، وأكثر هيبة له من هؤلاء . وكان إذا استعمل رجلاً على عمل ، كتب عليه كتاباً ، وأشهد عليه رهطا من المهاجرين والأنصار، إذا بعث عماله إلى الأمصار قال لهم : إني لم أبعثكم جبابرة ، ولكن بعثتكم أئمة، فلا تضربوا المسلمين فتذلوهم ، ولا تجمروهم فتفتنوهم ـ أي لا تطيلوا أمد إقامتهم في الحرب بعيدين عن أهلهم ونسائهم ـ ولا تمنعوهم فتظلموهم . و من قوله رضي الله عنه: إني لأتحرج أن أستعمل الرجل، و أنا أجد أقوى منه. وكان يعقد في كل سنة مؤتمرا لعماله في موسم الحج ، ليسألهم عن أحوال البلاد وشؤونها ، وسير الإدارة فيها وكان علمه بمن بعد عنه من عماله ورعيته ، كعلمه بمن قرب منهم ، حتى أن عماله وأمراءه وقضاته، كانوا يعتقدون في قرارة أنفسهم أن عين عمر لا تفارقهم ، وأنه يعلم من أخبارهم صغيرها وكبيرها وكان له مفتشون ينزلون الأمصار على غير علم من ولاتها، فيستقصون سيرة الولاة وأحوالها من أفواه الشعب، ويرونه بأعينهم وبذلك استقام الأمر في الدولة الإسلامية في عهد عمر ، على خير ما يرجو عمر من عدل و نَصَفَـة و سعادة للناس أجمعين عبقريته في التشريع كان عمر رضي الله عنه فقيها في دين الله ، بعيد الغور في فهم أسرار التشريع ، حاد الذهن في استنباط معاني التنزيل وأحكامه . أسقط سهم المؤلفة قلوبهم وقال لهم: لقد كان يعطيكم رسول الله والإسلام يومئذ ضعيف ، وأما الآن فقد أعز الله الإسلام ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، وأسقط حد السرقة عام المجاعة بشبهة الجوع الحاملة على ذلك. وكان يحرر العبيد حين يشكون إليه ظلم أسيادهم ، وتعذيبهم لهم وهكذا كان رأس مدرسة في الصحابة ثم التابعين وأئمة الاجتهاد من بعدهم ، عرفت بمدرسة أهل الرأي. وكان لها أثر كبير في الفقه الإسلامي و تيسيره للناس رحم الله عمر و أرضاه، و جزاه عن الإسلام كفاء ما قدم من جهد، و بذل من نصح، و أقام للحق والعدل والحضارة من أسس قويمة ، و قواعد راسخة من كلماته الخالدة ** قال يوم ولي الخلافة: إن الله ابتلاكم بي ، وابتلاني بكم ، وأبقاني فيكم بعد صاحبي، فلا والله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني، ولا يتغيب عني قالوا فيه عن أهل الصدق والأمانة ، ولئن أحسنوا لأحسنن إليهم ، ولئن أساءوا لأنكلن بهم ** لكم على أن لا ألقيكم في المهالك ، ولا أحجركم في ثغوركم ، وإذا غبتم في البعوث، فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم ** كتب إلى الأمصار بعد عزل خالد: إني لم أعزل خالداً عن سخطة ولا عن خيانة، ولكن الناس فتنوا به، فخشيت أن يوكلوا إليه و يبتلوا ، فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع وأن لا يكونوا بعرض فتنة، ـ أي معرضين للفتنة بخالد ـ ** وكتب إلى سعد حين ولاه حرب العراق: لا يغرنك من الله أن قيل: خال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و صاحب رسول الله، فإن الله عز وجل لا يمحو السيئ بالسيئ ، ولكنه يمحو السيئ بالحسن، فإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا طاعته، فالناس شريفهم و وضيعهم في ذات الله سواء، الله ربهم، وهم عباده، يتفاضلون بالعافية ، و يدركون ما عنده بالطاعة المصدر : كتاب "عظماؤنا في التاريخ" للأستاذ مصطفى السباعي |