لايتنر: المسيحي الصادق من يعترف بمحمد بقدر ما أعرف من دينيْ اليهود والنصارى أقول بأن ما علمه محمد ءصلى الله عليه وسلمء ليس اقتباسًا بل قد (أوحي إليه به)، ولا ريب بذلك طالما نؤمن بأنه قد جاءنا وحي من لدن عزيز عليم. وإني بكل احترام وخشوع أقول: إذا كان تضحية الصالح الذاتي، وأمانة المقصد، والإيمان القلوب الثابت، والنظر الصادق الثاقب بدقائق وخفايا الخطيئة والضلال، واستعمال أحسن الوسائط لإزالتها، فذلك من العلامات الظاهرة الدالة على نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) وأنه قد أوحي إليه "إن الديانة النصرانية التي ودّ محمد (صلى الله عليه وسلم) إعادتها لأصلها النقي كما بشر بها المسيح (عليه السلام) تخالف التعاليم السّرية التي أذاعها بولس والأغلاط الفظيعة التي أدخلها عليها شيع النصارى.. ولقد كانت آمال محمد (صلى الله عليه وسلم) وأمانيه أن لا تخصص بركة دين إبراهيم (عليه السلام) لقومه خاصة، بل تعم الناس جميعًا، ولقد صار دينه الواسطة لإرشاد وتمدن الملايين من البشر، ولولا هذا الدين للبثوا غرقى في التوحش والهمجية، ولما كان لهم هذا الإخاء المعمول به في دين الإسلام .. لما بلغ (صلى الله عليه وسلم) السنة الخامسة والعشرين من العمر تزوج امرأة عمرها (أربعون عامًا، وهذه تشابه امرأة عمرها خمسون عامًا في أوربا، وهي أول من آمن برسالته المقدسة.. وبقيت خديجة (رضي الله عنها) معه عشرين عامًا لم يتزوج عليها قط حتى ماتت (رضي الله عنها). ولما بلغ من العمر خمسًا وخمسين سنة صار يتزوج الواحدة بعد الأخرى. لكن ليس من الاستقامة والصدق أن ننسب ما لا يليق لرجل عظيم صرف كل ذاك العمر بالطهارة والعفاف، فلا ريب أن لزواجه بسن الكبر أسبابًا حقيقية غير التي يتشدق بها كتاب النصارى بهذا الخصوص، وما هي تلك الأسباب يا ترى؟ ولا ريب هي شفقته على نساء أصحابه الذين قتلوا
مرة، أوحى الله تعالى إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وحيًا شديد المؤاخذة لأنه أدار وجهه عن رجل فقير أعمى ليخاطب رجلاً غنيًّا من ذوي النفوذ، وقد نشر ذاك الوحي، فلو كان (صلى الله عليه وسلم) كما يقول أغبياء النصارى بحقه لما كان لذاك الوحي من وجود
إني لأجهر برجائي بمجيء اليوم الذي به يحترم النصارى المسيح (عليه السلام) احترامًا عظيمًا وذلك باحترامهم محمدًا (صلى الله عليه وسلم)، ولا ريب في أن المسيحي المعترف برسالة محمد (صلى الله عليه وسلم) وبالحق الذي جاء به هو المسيحي الصادق
لايتنر باحث إنكليزي، حصل على أكثر من شهادة دكتوراه في الشريعة والفلسفة واللاهوت، وزار الأستانة عام 1854، كما طوف بعدد من البلاد الإسلامية والتقى برجالاتها وعلمائها