لا فيها خنق ولا جنٌّ ولا غيره ، كما يقول الكذاب ، وإنما تصف النبي بمكارم الأخلاق (إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ) هذا وهو بعد لم يوحى إليه
وفيها ورقة يبشر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه نبي الأمة ، وأن هذا مثل الذي نزل على موسى . وصدق ورقه فقد جاء الوحي لموسى ـ عليه السلام ـ فخاف منه وارتعد وولى مدبرا ولم يعقب ********************** يقول أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جلس لبحيرى الراهب وقال له : كيف يقبلني قومي ملكا عليهم ، فقال له بحيرى : ادعي النبوة فإنه لن يكذبك أو يخالفك أحد وهو كذاب فما جلس النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبحيرى الراهب أبدا ، لا يوجد هذا في كتبنا . والكذب ليس له أقدام يمشي عليها فكلامه يكذب نفسه ، فقد كذبّ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قومُه ، وآذوه وطردوه من بلده ثم حاربوه وحاولوا قتله عدة مرات، وكذا كل نبي أرسله الله إلى قومه كذبوه وآذوه وربما حاولوا قتله إبراهيم وموسى وعيسى وأيوب ونوح ، وليس كما يفتري الكذاب اللئيم زكريا بطرس على لسان بحيرى وإن كانت هذه تعليمات بحيرى فلم ينطق بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي هذا دليل على أن بحيرى لم يعلم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئا ******************* يقول على لسان بحيرى (قلت له هذا عندما انقطع رجائي في الله ، فتجرأت على الله وشبهته بالذي كانوا يعبدونهم وجعلته صمد لا يسمع ولا يبصر كمثل الحجر[6 قلت : وما تكلما بهذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل في محكم التنزيل { فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } [ الشورى: 11] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }[ غافر : 56 ] فالله ليس كمثله شيء، والله هو السميع البصير. وبطرس يكذب ولا شك في هذا. والصمد لا تعني الذي لا يسمع ولا يبصر، وإنما مادة الكلمة تدور على القوة والاجتماع، فالصمد القوي المجتمع الذي لا يغلب قوته شيء ولا يشتت إرادته أحد، والصمد هو الذي يصمد ـ يلجأ ـ إليه، وليس الذي لا يسمع ولا يبصر كمثل الحجر كما يفتري هذا المجرم قلتُ : إن كانت هذه تعليمات بحيرى فلم ينطق بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي هذا دليل على أن بحيرى لم يعلم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئا ********************** ـ من صور كذبه: يفسر ختم النبوة بين كتفي النبي بأنه وحمه، ثم يتساءل هل الوحمة تعني أنه نبي [7] ؛ ويقول خاتم النبو ة ليس موجودا في الكتاب المقدس وأنه مأخوذ من قولهم خاتم النبيين في القرآن [8 وتدليسه هنا في ادعاء أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن عنده من البيِّنة على النبوة سوى الخاتم الذي كان بين كتفيه ، ولم يكن وحمة كما يدعي هو ، بل قامت كل الأدلة على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نبي من عند الله . فعلى حد قولهم مقايس معرفة صدق النبي في دعواه هي أن يأتي بمعجزات ونبوءات [9 ومعجزات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثيرة بالكاد تحصى ، ونبوءات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثيرة أيضا لا تكاد تحصى . القرآن أول معجزاته ، والجمادات نطقت بين يديه وشهدت له بالرسالة[10] ، وانشق له القمر[11] ، وعدد من المرضى برأ بدعائه أو بلمسة يده أو بتفلة من فمه[12] ، والطعام كُثِّر ببركته عدة مرات يوم الأحزاب ويوم تبوك ويوم عمرة القضاء [13]، والشاة العجوز التي لا تلد حلبت حين مسّ ضرعها بيده الشريفة [14]، والماء نبع من بين أصابعه[15] والجذع حنَّ لفراقه[16] ... وغير هذا كثير في كتب السنة الصحيحة . وأنبأ عديً بأن الله سيتم هذا الأمر حتى يصير الراكب لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه[17] ، وأن الله سيفتح الشام واليمن والعراق وأن نفرا من أصحابه سيخروجون إليها ويدعون المدينة[18] ، وأنه إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده [19]، وأن عمار تقتله الفرقة الباغية[20] ، وأن عمر وعثمان شهيدان [21]، وأن أصحابه يقتلون أمية بن خلف[22] ونعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وهو بالحبشة ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمدينة [23] ونعى جعفرا وزيدا وابن رواحة حين قتلوا في مؤتة ( بالأردن حاليا ) وهو بالمدينة ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان يصف المعركة [24] ، وأخبر من أنباء الماضي .. حكى عن مريم وعن موسى وعيسى وأهل مدين والمؤتفكات وقوم تبع وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط ، هذا وهو أمي لم يقرأ ولم يكتب ، ولم يخرج من بين شعاب مكة . وما حكاه عنهم لا يتوافق في قليل أو كثير مع حكايات كتب النصارى واليهود حتى يقال أنه أخذ منهم ومن شاء فليقرأ هذا وذاك والمقصود هنا هو بيان أن زكريا كذّاب في دعوى أننا لا نملك دليلا على نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سوى الخاتم الذي بين كتفيه[25] ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وكذاب في دعوى أن خاتم النبيين في قوله سبحانه وتعالى : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }[ الأحزاب: 40] تعني على كتفه ختم النبوة ، وهذا الكلام بعيد جدا ، لم يقل به أحد قبل هذا الأفاك الأثيم ، وإنما خاتم النبيين تعني آخرهم [26]الذي ختوا به ، والسياق واضح تماما ويزيده وضوحا حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عند البخاري وغيره قال : رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( مَثَلِي وَمَثَل الْأَنْبِيَاء كَمَثَلِ رَجُل بَنَى دَارًا فَأَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا إِلَّا مَوْضِع لَبِنَة فَجَعَلَ النَّاس يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا وَيَقُولُونَ لَوْلَا مَوْضِع اللَّبِنَة ، قَالَ رَسُول اللَّه ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَنَا مَوْضِع اللَّبِنَة جِئْت فَخَتَمْت الْأَنْبِيَاء [27 ********************* يسأله المذيع : هل رأى أحد من النساء (الصحابيات الخاتم ؟) أم خالد بنت خالد بن سعيد تقول أتيت رسول الله مع أبي وعلي قميص اصفر سِنَّا سِنَّا ( وقالوا في التفسير أنها كلمة حبشية معناه حلوة حلوة) قالت : فذهبت العب بخاتم النبوة فزبرني أبي ـ زبرني منعي ـ قال رسول الله دعها ويقول معلقا هو دي سنا سنا . رواه البخاري[28 والكذب في صيغة السؤال وفي طريقة الإجابة؛ فالسؤال عن النساء التي رأين الخاتم؟ والمستمع يفهم من هذا أن أم خالد هذه امرأة رأت الخاتم ، ويساعد في ذلك اسمها (أم خالد) وكأنها تزوجت وأنجبت خالدا ، وهي طفلة صغيرة تحمل على اليد ، وهذا اسم لها وليس كنية تكنت بها ومثل هذا كثير في ريف مصر ، وقد جاء في ترجمتها في سير أعلام النبلاء حديثا تتكلم فيه عن نفسها تقول: (أتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة , فقال : من ترون أكسوا هذه؟ فسكتوا . فقال: ائتوني بأم خالد . فأتي بي أحمل , فألبسنيها بيده, وقال : أبلي وأخلقي . يقولها مرتين , وجعل ينظر إلى علم الخميصة أصفر وأحمر , فقال : هذا سنا يا أم خالد , هذا سنا . ويشير بإصبعه إلى العلم وسنا بالحبشية : حسن). لا حظ أنهم جاءوا بها محمولة على الأيدي ، كانت طفلة ثم وهو يروي الحديث يقول أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين رآها ترتدي الأصفر قال لها (سِنِّة سنّة يا أم خالد) ما يفهم منه الإعجاب والانبهار بها، وهذا كذب؛ الكلمة (سَنَه سَنَه يا أم خالد) أي حسنا يا أم خالد، يداعب الطفلة وقد دخلت عليه في يد أبوها ثم جلس الأب يتحدث مع أبيها وراحت الطفلة تلعب على ظهر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعل الأطفال في كل مكان وأي زمان ويؤكد التدليس تكرار المذيع السؤال : هل رأت امرأة أخرى ـ لا حظ يقول امرأة أخرى ـ : فيجيب الكذاب اللئيم لا . ولا نسائه . إلا هذه المرأة يعني أم خالد والحقيقة أنه ليس في السنة النبوية الصحيحة وغير الصحية أن امرأة وصفت خاتم النبوة اللهم هذه الطفلة الصغيرة (أم خالد) التي يقول عنها أنها امرأة ليلبس على الناس ويكذب عليهم. ولا يلزم من عدم وصف إحدى نسائه خاتم النبوة أنها لم تراه. ولا يلزم من عدم وصف نسائه خاتم النبوة عدم وجوده فقد رآه نفر كثير من أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ ولا يلزم من رؤية الخاتم التكشف والتعري فهو في أعلى الكاتف مما يلي الظهر ********************** يقول : (اللات مشتق من اسم الله، الله مذكر واللات المدام بتاعته، وأنه مكان مسجد الطائف، وحدث ذلك تخليدا لذكر الأصنام في قلوب المؤلفة قلوبهم... كان يتألف الناس [29 وهذه من الكذبات المضحكات ، فمن ما يعرفه كل المسلمون أن الله (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) ، و {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }[ الأنعام :101]{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً }[ الجن : 3 ] فليس لله عندنا (مدام) كما يدعي هذا الكذاب اللئيم، ومن يقل بهذا فهو على غير ملتنا واللات: كان رجلا يلت سويق الحاج[30] على صخرة في الطائف ، وحين مات ادعى عمرو بن لحي ـ في الجاهلية ـ أنه لم يمت وأنه دخل في الصخرة وأمر الناس بتعظيم هذه الصخرة وعبادتها فاقاموا عليها بيتا يوضع عليه الستار ويهدى له الهدي كما الكعبة[31] ، ولم فتح الله مكة على رسوله ، وانهزمت هوازن وثقيف أرسل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفدا فيهم المغيرة بن شعبة الثقفي ـ رضي الله عنه ـ فهدمها[32] . لا أنه كرمها . هذا كذب بين وأراد وفد ثقيف وهم الذين كانوا يعبدون اللات، أو كانت اللات في أرضهم أن يبقيها لهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأبى ، فطلبوا منه أن يبقيها لهم ونعم أقام النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مسجدا في موضع اللات بعد أن هدمها .. أقام مسجدا في الموقع الذي كانت فيه بعد أن هدمها وأزال آثارها ، لا أنه أقام عليها مسجدا تخليدا لذكراها وتأليفا لقلوب من كان يحبها كما يقول هذا المفتري وهذه كانت عادت النبي ـ صلى الله عليه وسلم (أن يقيم شعائر التوحيد في مواضع شعائر الكفر والشرك )[33] وقد فعل ذلك مع (خيف بني كنانة) حيث جلست قريش وتحالفت على حصار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن معه ، كان ينزل في هذا الخيف (ليتذكر ما كانوا فيه فيشكر الله تعالى على ما أنعم به عليه من الفتح العظيم [34 ولم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتألف أحد من المشركين بشيء من الشرك أبدا ، وفد ثقيف ، هؤلاء الذين يعبدون اللات جاءوا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يترجونه كي يترك لهم اللات هذه ثلاث سنوات أو سنتين أو سنة أو شهر فأبى أن يتركها لهم ساعة واحدة وأرسل في عقبهم من هدمها[35] فلم يقل أحد أبدا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتألف المشركين غير هذا الكذاب اللئيم ومن ينقل عنهم ********************** يقول أن الهدف اقتصادي سياسي .. إقامة مملكة وأنه اتخذ الأتباع عن طريق إغرائهم بالمال والسلطان ، فقد كان يبشرهم بكنوز كسرى وقيصر[36 قبل بيان الكذب والتدليس في هذا الأمر أحب أن أشير إلى شيء ، وهو أن من الـمُسَلَّمِ به عند النصارى والمسلمين أن أمارة النبوة هي الإنباء بالغيب[37] ، وقد أنبأ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بفتح فارس والروم وانتشار الأمن بعد الخوف في الجزيرة العربية في ذات الحديث الذي يستدل به زكريا بطرس، والحديث بتمامه كما عند البخاري عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ فَقَالَ يَا عَدِيُّ هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ قُلْتُ لَمْ أَرَهَا وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا قَالَ فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلَادَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى قُلْتُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ قَالَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ فَلَيَقُولَنَّ لَهُ أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَيُبَلِّغَكَ فَيَقُولُ بَلَى فَيَقُولُ أَلَمْ أُعْطِكَ مَالًا وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ فَيَقُولُ بَلَى فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ قَالَ عَدِيٌّ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ قَالَ عَدِيٌّ فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ وَكُنْتُ فِيمَنْ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ "[38 فالحديث فيه إنباء بغيب.. بشارات كما يسمونها.. والسؤال: من أنبأ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم بهذا؟ أنبأه العليم الخبير الذي أرسله بشيرا ونذيرا للعالمين والقصة التي جاء فيها الحديث تنفي ما يذهب إليه بطرس من القول بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان ملكا أو يطلب ملكا على العرب والعجم ، واسمع يقول عدي وهو يروي قصة إسلامه :(فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه فقال من الرجل؟ فقلت: عدي بن حاتم; فقام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فانطلق بي إلى بيته فوالله إنه لعامد بي إليه إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها; قال قلت في نفسي: والله ما هذا بملك قال ثم مضى بي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى إذا دخل بي بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا، فقذفها إلي فقال اجلس على هذه قال قلت: بل أنت فاجلس عليها، فقال بل أنت فجلست عليها، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض قال قلت في نفسي: والله ما هذا بأمر ملك ثم قال إيه يا عدي بن حاتم ألم تك ركوسيا؟ قال قلت: بلى، (قال) : أولم تكن تسير في قومك بالمرباع ؟ قال قلت: بلى، قال فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك; قال قلت: أجل والله وقال وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يجهل... [39 وعدي سيد قومه وكان من أشد الناس كرها للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كزكريا بطرس اليوم، وهذه قصة إسلامه تنطق صراحة بأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن ملكا، إذ كان يمشي منفردا ويقف للعجوز يكلمها في حاجتها، ويجلس على الأرض، ويسكن في حجرة ليس فيها شيء من الأثاث سوى وسادة صغيرة تُقذف باليد، وعدي وهو شاهد يرى ونصارني وكبير من كبراء العرب يقول : ليس هذا بأمر مَلك .وفي القصة أمارات كثير على النبوة كما قدمت ثم يأتي زكريا بطرس يستدل بها على أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان ملكا ، يطلب ملكا على الناس ، ألا لعنة الله على الكاذبين أخي القارئ لم يقدم الإسلام الدنيا كمحفز للدخول في الدين أبدا لم يحدث هذا على لسان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا هو في تركيبة الشريعة الإسلامية ، ودعني أبسط الحديث هنا قليلا حتى يتضح لك الأمر بايع النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأنصار في بيعة العقبة الثانية على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن يقولوا في الله لا يخافون لومة لائم ، وأن ينصروا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قدم عليهم وأن يمنعوه مما يمنعون منه نسائهم وأولادهم حين سألوه عن المقابل قائلين (وما لنا يا رسول الله إن فعلنا؟) بم أجابهم ؟ ولكم الجنة قد كان صلى الله عليه وسلم موقنا أن الله سيتم هذا الأمر حتى لا يخاف الراكب إلا الله والذئب على غنمه , وأن الفُرس لن تأخذ إلا نطحة أو نطحتان وبعدها يرث المسلمون ديارهم وأموالهم , وأن عقر دار الإسلام بلاد الشام , ومع ذلك لم يشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنعقد البيعة على أمر دنيوي , بل أراد للنفوس أن تنصرف إلى ما عند الله وفي مكة حيث الضعف والانكسار وقلة العدد وانعدام العتاد, وقد تجمعت العرب على كلمة الكفر, وصمُّوا عن الحق آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا على الضلال وإضلال الناس إصرارا, وأنفقوا الأموال كي لا تكون كلمة الله هي العليا, كانت الدعوة لا تتكلم عن شيء أكثر مما تتكلم عن اليوم الأخر ابتداء من القبر وما فيه ويوم الحساب وما فيه والجنة والنار، حتى أصبحت سمة بارزة للقرآن المكي أصرت الدعوة على أن تبدأ من اليوم الآخر ترغيبا وترهيبا. تحاول أن تجعل القلوب معلقة بما عند ربها ترجوا رحمته وتخشى عقابه. ويكون كل سعيها دفعا للعقاب وطلبا للثواب فتكون الدنيا بجملتها مطية للآخرة، ولم تتكلم الدنيا بأن أسلموا لتأخذوا كنوز كسرى وقيصر وإنما " إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو أيضا تربى على هذا المعني, فقد كان يتنزل عليه " وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ [ يونس : 46] " وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ " [الرعد : 40 وهكذا استقامت النفوس تبذل قصارى جهدها في أمر الدنيا ترجوا به ما عند الله فكان حالهم كما وصف ربهم " تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا " فهذا وصف للظاهر (ركعا سجدا) ووصف للباطن (يبتغون فضلا من الله ورضوانا) ، والسياق يوحي بأن هذه هي هيئتهم الملازمة لهم التي يراهم الرائي عليها حيثما يراهم . كما يقول صاحب الظلال ـ رحمه الله ــ . بل : من يتدبر آيات الأحكام في كتاب الله يجد أن هناك إصرار من النص القرآني على وضع صورة الآخرة عند كل أمر ونهي ضمن السياق بواحدة من دلالات اللفظ ، المباشرة منها أو غير المباشر (دلالة الإشارة أو التضمن أو الاقتضاء أو مفهوم المخالفة .. الخ)، فمثلا يقول الله تعالى " ويل للمطففين . الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون . ألا يظن أولئك أنهم مبعثون ليوم عظيم . يوم يقوم الناس لرب العالمين فتدبر كيف يأتي الأمر بعدم تطفيف الكيل حين الشراء وبخسه حين البيع؟ ولا أريد أن أعكر صفو النص بكلماتي ومثله " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور " فهنا أمر بالسعي على الرزق , وتذكير بأن هناك نشور ووقوف بين يدي الله عز وجل فيسأل المرء عن كسبه من أين وإلى أين؟ بل واقرأ عن الآيات التي تتحدث عن الطلاق في سورة البقرة تجد أنها تختم باسم أو اسمين من أسماء الله عز وجل " ... فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " " ... وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " " ... وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " " ... وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " " .... إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وهذا لا شك استحضار للثواب والعقاب هذا أسلوب القرآن العظيم في عرض قضايا الشريعة على أتباعه، ليس فيه محفز سوى طلب ما أعد الله للمتقين من ثواب ودفع ما توعد به المجرمين من عقاب، وهو ما تربى عليه الصحابة رضوان الله عليهم بل ونبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ. فأبدا.. أبدا لم تعتمد الدعوة على الدنيا كمقابل لاعتناق الإسلام، وأبدا لم يكن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مَلِكا أو يطلب مُلْكا بل كان عبدا لله يسكن غرفاتٍ من طينٍ سقفها من الجريد يطاله الرجل بيديه ، ويفترش الأرض ، وتمر عليه الأيام لا يجد ما يطعمه ، بأبي هو وأمي ـ صلى الله عليه وسلم ـ [1] سؤال جريئ الحلقة الأولى من هل القرآن كلام الله د/43 [2] حلقة 36 من برنامج أسئلة عن الإيمان د/23 [3] حلقة 36 من برنامج أسئلة عن الإيمان د/22 ، وهي فقرة في إنجيل لوقا الإصحاح السادس العدد 46 [4] انظر للكاتب مقال ( المعرفة والقبول والإذعان ) الصفحة الخاصة في صيد الفوائد [5] سؤال جريئ الحلقة الأولى من هل القرآن كلام الله د/17 وكرر حكاية الخنق هذه في الحلقة التاسعة العاشرة من برنامج حوار الحق د/47 [6] في الصميم الحلقة 13 [7] في الصميم الحلقة الرابعة عشر د/15 [8] الحلقة الخامسة عشر . د/16 [9] سؤال جريئ الحلقة الثانية هل القرآن كلام الله ؟د /11 من أقوال رأفت العماري وبطرس جالس يسمع ولم يعترض ،وفي الدقيقة 18 استدل على نبوة المسيح بأنه كثر الطعام ، وهذا الأمر حدث من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عدة مرات في عمرة القضاء وفي يوم الأحزاب ويوم تبوك [10] البخاري ح/3579 ، ومسلم ح/4222 [11] البخاري ح/3636 ، ومسلم ح/ 5010 [12] البخاري ح /2942 ، ومسلم ح/4423 [13] البخاري ح/602،ومسلم ح/3833 [14] مسند أحمد ح / 3417 [15] البخاري ح/3579 ، ومسلم ح/4224 [16] البخاري ح / 918 ، ومسلم ح / 1407 [17] البخاري ح / 3595 ، ومسلم 1687 [18] البخاري ح/1875 ، ومسلم 2459 [19] البخاري ح/3120 ، ومسلم ح / 5196 [20] البخاري ح/447 ، ومسلم ح / 5192 [21] البخاري ح /3674 ، ومسلم 4416 [22] البخاري ح / 3950 [23] البخاري ح/ 1245 ومسلم ح / 1580 [24] البخاري /1246 [25] وفي مكان آخر يقول لا يملك المسلمون دليلا على أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أوحي إليه إلا شهادة خديجة ، ومرة يقول شهادة بحيرى ، ومرة يقول شهادة ورقة ، ومرة أخرى يقول لا يملكون دليلا إلا بعد الأمور التي يصفها بالشعوذة ، وهذا التردد دليل على الكذب ونكران الحق . ثم على لسانه هو : بحيرى شهد ، وورقة شهد ، وخديجة شهدت ـ إن صحت الرواية ـ والمعجزات شهدت ولا يذهب بها وصفه لها بالشعوذة فنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان بعيدا تماما عن الشعوذة . وسيأتي تفصيل إن شاء الله وقدر [26] انظر تفسير الطبري للآية [27] متفق عليه البخاري ح /3535 . كتاب المناقب ، ومسلم ح/4237. كتاب الفضائل [28] الحلقة الخامسة عشر . د/23 [29] في الصميم الحلقة الثامنة الظروف البيئية المؤثر : الأصنام :د /7 ، وفي مكان آخر (لحلقة 89 من أسئلة عن الإيمان د/22 ) يقول غير ذلك إذ يقرر أن الشمس هي اللات . وهذا التضارب أمارة أخرى على الكذب وهو شأن الكذابين دائما . وفي ذات الحلقة ( أي الحلقة 89 من أسئلة عن الإيمان د/21) يقرر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسترضي المشركين بالإبقاء على أصنامهم وأن الإسلام هو الذي نشر الوثنية في الجزية العربية وغيرها م وعلى يد نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ انتهت جميع الشعائر الوثنية ، وقضي تماما على الأوثان والأصنام في كل مكان دخله الإسلا [30] البخاري /4859 [31] زاد الميعاد ج3/523 [32] زاد الميعاد 3/523،524 [33] انظر زاد الميعاد لابن القيم 2/271 وقد ذكر أمثلة أخرى على ذلك [34] ابن حجر العسقلاني في شرح حديث البخاري /4285 [35] الروض الأنف 3/316 وغيره.في قصة وفد ثقيف [36] في الصميم الحلقة السابعة د/17 [37] وهي أمارة حق إذ أنه فيها بيان أن المتحدث متصل بعلام الغيوب الذي يعلم ما كان وما سيكون . وكذا المعجزات إذ أن فيها أنه مؤيد من الله الذي على كل شيء قدير . والإنباء بالغيب معجزة من المعجزات [38] البخاري /3595 ، وهو ذات الحديث الذي ينقل منه الكذاب اللئيم زكريا بطرس [39]4/362 |